بحـث
المواضيع الأخيرة
الفصل الثاني : فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان :: منتدى الثقافة الاسلامية :: منتدى الكتب والبحوث والدراسات :: منتدى كتاب مفتاح البصائر
صفحة 1 من اصل 1
الفصل الثاني : فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثاني
فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
حدثني من أثق به من التلاميذ الصادقين، قال لي إن الأستاذ رضي الله عنه، قال لي اجتمعت مع الشيخ عوض الجيد رضي الله عنه، فلما قضيت وطري منه خرجت فخرج معي يقادمني، فلم تكن إلا ساعة قليلة حتى وصلنا مدينة تونس، فطرق الباب فَفُتحِ، وأتت جارية وأدخلتنا على رجل فجاء لنا ببلح فأكلنا، وأتانا بغلام صغير فقال هذا ابني فباركوه، فدعونا له بخير وخرجنا من عنده، فأقبل عليَّ الشيخ عوض الجيد وقال لي يا بُنيّ أطلب في هذه الليلة ما تريد، وقل: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فقلت ذلك وطلبت من الله ما أريد، فعلّمني التوارة والإنجيل والزبور والفرقان، وما ذلك على الله بعزيز.
وقد حدثني خوجلي ابن الفقيه من العقليين، من أجلّ التلامذة الصادقين، أنه قال لما خرج الأستاذ رضي الله عنه، إلى ديم الحصار قال لي يا بُنيّ تعال نتوادع موادعة الآخرة، وبلّغ إخوانك جميعهم، وقل لهم قد أعطيتُ كلَّ أحد منكم حقه المقسوم له من الله، معجّلاً ومؤجّلاً ومُدّخراً بحسب الإرادة، فالمعجّل سلّمناه لصاحبه، والمؤجّل عند أجله سنوفّيه له، والمدخر يتلاقى مع صاحبه يوم القيامة، ونوفّيه له إن شاء الله تعالى، ثم إن المذكور قال لي كنت ذات يوم أُعَصِّر الأستاذ فوسوست بقلبي، وقلت قد قالوا إن التلميذ الصادق يختلط لحمه بلحم شيخه ودمه، فالتفت إلىّ وقال يا بُنيّ أتذكُر يوم ضربوك الترك؟ فقلت نعم. فقال لي هل شعرت بضربهم؟ فقلت يا سيدي أحسّ به مثل دبيب النمل، فعلمت أنه وقّاني ذلك، ثم قال لي يا بنيّ أعُدُّ خطواتك التي تخطو بها في الأرض، فإن كانت في طاعة أحمد الله، وإن كانت في معصية استغفرت الله لك وطلبت الهداية لك.
ومن كراماته رضي الله عنه، ما حدثني به صهره على أحمد الجعلي، أنه قال لي كان الأستاذ ذات يوم جاءنا بمحلّنا، فلما قام قمنا معه نقادمه، فلما كنا بأثناء الطريق قال لنا يا إخواني في هذه الأيام نار الشيخ حسن توقد عندنا، فبينما هو يتحدث معنا بمثل ذلك إذ سطع علينا نور غاب فيه بعضنا عن بعض، فلما انكشف عنا لم نجد الأستاذ رضي الله عنه، فسرنا على أثره حتى وصلنا المسجد، فوجدنا الذكر قائماً، والشيخ رضي الله عنه، هائماً فيه، ويقول اذكروا مولاكم سعيد من رآكم.
ومما حدثني به بعض الإخوان الصادقين، قال لي كنت ذات يوم مع الأستاذ وحدي، فقال لي يا بنيّ إن أهل الله لما عرضوا عليّ الأمانة أعرضتُّ عنها، وقلت لهم لا طاقة لي بذلك، فصاروا يراجعوني وأنا أمتنع، حتى حضر إليَّ الشيخ حسن، والشيخ إدريس، والشيخ عوض الجيد، والقطب الأكبر الجيلاني رضي الله عنهم، فتكلموا معي في ذلك، فقلت لهم بشرط أن تتحملوا معي جميع مشاقها، وتشاركوني في حملها، فقال الشيخ حسن رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من المشرق، ثم قال الشيخ عوض الجيد رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من الصعيد، وقال الشيخ إدريس رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من المغرب، وقال الشيخ الطيب رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من السافل، فقلت لهم قبلت، فعند ذلك قام القطب الجيلاني رضي الله عنه، وحفر حفرة عميقة بداخل المسجد ووضع الأمانة فيها، وقال إن شاء الله لا تُنقل من هذا المحل إلى يوم القيامة، فمن يوم ما تولّيت الأمانة لم يأتني شيء يهمني إلا وأهل الله يدافعونه قبل أن يصل إليّ.
ومنها ما أخبرني به الفقيه محمد التُّركاوي من أهل الجديد، قال كنت ذات يوم جالساً أمام الأستاذ رضي الله عنه، فوسوست بقلبي هل يعرفني الأستاذ أم لا يعرفني؟ فبينما أنا كذلك إذ حضر بعض الإخوان وألقى على الأستاذ مسألة فقهية، فقال له الأستاذ أَحْمَدُ الله من فضله عليّ متى أشكلت عليَّ مسألة يهيّئ لي من يخلصني منها، ثم التفت إليَّ وقال لي إن الإنسان إذا أحرم خلف إمام للصلاة ونوى بقلبه رفض الصلاة هل تبطل أم لا؟ فلم أخاطبه، فتبسّم وقال لي تكلم أم أن الترك لا يُؤدّون النصحية؟ فانشرحت لذلك، وعلمت أن الأستاذ كاشف بما وسوست به.
ثم في مرة أخرى إن الأستاذ رضي الله عنه، كانت له ساقية بجهة الْهُويْ، وقد جاء فيها وحضرنا لزيارته، فلما زرناه وجلسنا بجانبه التفت رضي الله عنه، فرأي بَصَلَةً صغيرة واقعة في الأرض، فأخذها بيده ووضعها بمحل البصل، فوسوستُ بقلبي وقلت إن الشيخ مع عِظَمِ قدره عند الله يحبّ الدنيا، فالتفت عليَّ مبتسماً، وقال لي يا هذا: احذر من الملَك الذي على البصلة الصغيرة فقط، فخجلت وتبت إلى الله تعالى، وقلت فيه أبيات شعر:
ولستُ بسائلٍ أنا مُذْ عرَفتُ إمامَ الحقّ ذا الوجه المنيـرْ
فكم أخفيتُ من أمرٍ عليـْهِ وأبدي ظاهراً ما في الضميرْ
هو القمرُ المضئُ لكلّ سارٍ هو الملجأ لكـلّ المستجيرْ
فيا أسفي على زمنٍ تَقَضَّى ولم أصحبْه يا إِبـنَ النذيرْ
الفصل الثاني
فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
حدثني من أثق به من التلاميذ الصادقين، قال لي إن الأستاذ رضي الله عنه، قال لي اجتمعت مع الشيخ عوض الجيد رضي الله عنه، فلما قضيت وطري منه خرجت فخرج معي يقادمني، فلم تكن إلا ساعة قليلة حتى وصلنا مدينة تونس، فطرق الباب فَفُتحِ، وأتت جارية وأدخلتنا على رجل فجاء لنا ببلح فأكلنا، وأتانا بغلام صغير فقال هذا ابني فباركوه، فدعونا له بخير وخرجنا من عنده، فأقبل عليَّ الشيخ عوض الجيد وقال لي يا بُنيّ أطلب في هذه الليلة ما تريد، وقل: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فقلت ذلك وطلبت من الله ما أريد، فعلّمني التوارة والإنجيل والزبور والفرقان، وما ذلك على الله بعزيز.
وقد حدثني خوجلي ابن الفقيه من العقليين، من أجلّ التلامذة الصادقين، أنه قال لما خرج الأستاذ رضي الله عنه، إلى ديم الحصار قال لي يا بُنيّ تعال نتوادع موادعة الآخرة، وبلّغ إخوانك جميعهم، وقل لهم قد أعطيتُ كلَّ أحد منكم حقه المقسوم له من الله، معجّلاً ومؤجّلاً ومُدّخراً بحسب الإرادة، فالمعجّل سلّمناه لصاحبه، والمؤجّل عند أجله سنوفّيه له، والمدخر يتلاقى مع صاحبه يوم القيامة، ونوفّيه له إن شاء الله تعالى، ثم إن المذكور قال لي كنت ذات يوم أُعَصِّر الأستاذ فوسوست بقلبي، وقلت قد قالوا إن التلميذ الصادق يختلط لحمه بلحم شيخه ودمه، فالتفت إلىّ وقال يا بُنيّ أتذكُر يوم ضربوك الترك؟ فقلت نعم. فقال لي هل شعرت بضربهم؟ فقلت يا سيدي أحسّ به مثل دبيب النمل، فعلمت أنه وقّاني ذلك، ثم قال لي يا بنيّ أعُدُّ خطواتك التي تخطو بها في الأرض، فإن كانت في طاعة أحمد الله، وإن كانت في معصية استغفرت الله لك وطلبت الهداية لك.
ومن كراماته رضي الله عنه، ما حدثني به صهره على أحمد الجعلي، أنه قال لي كان الأستاذ ذات يوم جاءنا بمحلّنا، فلما قام قمنا معه نقادمه، فلما كنا بأثناء الطريق قال لنا يا إخواني في هذه الأيام نار الشيخ حسن توقد عندنا، فبينما هو يتحدث معنا بمثل ذلك إذ سطع علينا نور غاب فيه بعضنا عن بعض، فلما انكشف عنا لم نجد الأستاذ رضي الله عنه، فسرنا على أثره حتى وصلنا المسجد، فوجدنا الذكر قائماً، والشيخ رضي الله عنه، هائماً فيه، ويقول اذكروا مولاكم سعيد من رآكم.
ومما حدثني به بعض الإخوان الصادقين، قال لي كنت ذات يوم مع الأستاذ وحدي، فقال لي يا بنيّ إن أهل الله لما عرضوا عليّ الأمانة أعرضتُّ عنها، وقلت لهم لا طاقة لي بذلك، فصاروا يراجعوني وأنا أمتنع، حتى حضر إليَّ الشيخ حسن، والشيخ إدريس، والشيخ عوض الجيد، والقطب الأكبر الجيلاني رضي الله عنهم، فتكلموا معي في ذلك، فقلت لهم بشرط أن تتحملوا معي جميع مشاقها، وتشاركوني في حملها، فقال الشيخ حسن رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من المشرق، ثم قال الشيخ عوض الجيد رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من الصعيد، وقال الشيخ إدريس رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من المغرب، وقال الشيخ الطيب رضي الله عنه، أنا التزمت بكل ما يأتيك من السافل، فقلت لهم قبلت، فعند ذلك قام القطب الجيلاني رضي الله عنه، وحفر حفرة عميقة بداخل المسجد ووضع الأمانة فيها، وقال إن شاء الله لا تُنقل من هذا المحل إلى يوم القيامة، فمن يوم ما تولّيت الأمانة لم يأتني شيء يهمني إلا وأهل الله يدافعونه قبل أن يصل إليّ.
ومنها ما أخبرني به الفقيه محمد التُّركاوي من أهل الجديد، قال كنت ذات يوم جالساً أمام الأستاذ رضي الله عنه، فوسوست بقلبي هل يعرفني الأستاذ أم لا يعرفني؟ فبينما أنا كذلك إذ حضر بعض الإخوان وألقى على الأستاذ مسألة فقهية، فقال له الأستاذ أَحْمَدُ الله من فضله عليّ متى أشكلت عليَّ مسألة يهيّئ لي من يخلصني منها، ثم التفت إليَّ وقال لي إن الإنسان إذا أحرم خلف إمام للصلاة ونوى بقلبه رفض الصلاة هل تبطل أم لا؟ فلم أخاطبه، فتبسّم وقال لي تكلم أم أن الترك لا يُؤدّون النصحية؟ فانشرحت لذلك، وعلمت أن الأستاذ كاشف بما وسوست به.
ثم في مرة أخرى إن الأستاذ رضي الله عنه، كانت له ساقية بجهة الْهُويْ، وقد جاء فيها وحضرنا لزيارته، فلما زرناه وجلسنا بجانبه التفت رضي الله عنه، فرأي بَصَلَةً صغيرة واقعة في الأرض، فأخذها بيده ووضعها بمحل البصل، فوسوستُ بقلبي وقلت إن الشيخ مع عِظَمِ قدره عند الله يحبّ الدنيا، فالتفت عليَّ مبتسماً، وقال لي يا هذا: احذر من الملَك الذي على البصلة الصغيرة فقط، فخجلت وتبت إلى الله تعالى، وقلت فيه أبيات شعر:
ولستُ بسائلٍ أنا مُذْ عرَفتُ إمامَ الحقّ ذا الوجه المنيـرْ
فكم أخفيتُ من أمرٍ عليـْهِ وأبدي ظاهراً ما في الضميرْ
هو القمرُ المضئُ لكلّ سارٍ هو الملجأ لكـلّ المستجيرْ
فيا أسفي على زمنٍ تَقَضَّى ولم أصحبْه يا إِبـنَ النذيرْ
hsbelrasool.bdr- عضو شرف المنتدى
- عدد المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
رد: الفصل الثاني : فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
ومنها ما رويناه عنه رضي الله عنه، أنه قال كنت ذات يوم زرت سيدي الشيخ حسن رضي الله عنه، فلما جلست تجاه ضريحه فاض لي منه فيض لو فاض أقل شيء منه في البرية لأحرق الشجر والحجر والبشر، فهيّأني الله وتحملته فأحمد الله ولا فخر، وإن أهل الله جميعهم إذا حضرتُ يشاوروني، وإذا غبتُ ينتظروني، وإذا عقدوا كلاماً لم أرضه يتركوه ويوافقوني، وقد كنت ذات يوم حضرت بالحضرة الشريفة وعليّ خِلعة نبويّة، فتعجب منها أهل الحضرة، فقال لهم سيدي الإمام عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، هذا محمد بن بدر، الذي تولّيت أمره بإشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومنها ما رويناه عنه أيضاً أنه قال كنت في بدايتي أزور سيدي الشيخ حسن رضي الله عنه، فذات يوم أنا متوجه إليه إذ عارضني في الطريق لصوص، وقالوا لي لا تسلَمُ منا إلا أن تلقي ثيابك وتذهب عُرياناً، فقلت أدركني يا سيدي يا رسول الله، فرأيت ظلمة حالت بيني وبينهم، فلم أرهم ولم أسمع لهم صوتاً، فحمدت الله وانصرفت.
ومنها ما حكاه لي بعض الإخوان الصادقين، أنه قال لي قد جاء بعض التلامذة للأستاذ رضي الله عنه، وقال له يا سيدي قد نزلتْ بي مهمة شديدة وأتيت بك مستغيثاً، فأمره الأستاذ بالصبر، فمكث أياماً، وعاد للأستاذ وقال له يا سيدي أظنكم غفلتم عني، فقال يا هذا: سبحان الله كيف أغفل عنك وقد عرض أمرك هذا عليَّ منذ خمسة وعشرين سنة، ولا زِلت أُعالج فيه؟ فحسب تاريخ مولده فوجد عمره ثمانية عشر سنة فناهيك بهذا الباع الطويل والنظر الوسيع، الذي صاحبه يعرف ما يقع قبل الوضع.
ومنها ما رواه لي من أثق به من الإخوان، إن أحد تلامذة الأستاذ سافر لجهة القضارف، ورافقه في الطريق أحد تلامذة الشيخ التوم رضي الله عنه، فلما سلكوا العقبة وجاءهم الليل احتاجوا للنار، فقام تلميذ الشيخ محمد توم وجمع حطباً، وقال يا هذا إما أن تنفخ فيه النار بحق شيخك، أو أنفخها فيه أنا بحق شيخي، قال تلميذ الأستاذ فبهتّ عند كلامه ولم أدر ما أقوله له، ثم راجعته بكلام ليّن، وقلت له نحن وأنتم حالة واحدة، فانصرف وتركني، فلما قضيت وطري ورجعت من سفري أتيت لزيارة الأستاذ رضي الله عنه، فلما قابلته صرف وجهه عنّي وأعـرض، فقـلت يا سيدي العفو والسماح، فما الجنيّة التي أعرضتَّ بها عني؟ فقال لي أتذكر يوم كذا وكذا؟ حيث كنت أنت وتلميذ الشيخ محمد توم وقال لك ما قال؟ فإني تلك الساعة واقف أمامك والنار بيدي، فلو نفخت في الحطب لقامت فيه النار بإذن الله، ولكنك أنت لست من أهل العقيدة الوثيقة، فتب إلى الله واطلب منه السماح.
ومنها أن بعض الفقراء هرب له آدَمِيّ واقتفى أثره حتى لحقه وقد جنّ عليه الليل، فأدخله في بيت وأغلقه، وقال يا سيدي الشيخ: هذا العبد في عهدتك إلى الصباح، وتركه وذهب إلى محل آخر، فقام العبد وأخذ فأساً وكسر الباب، وأراد الخروج فلم يستطع، وأظلمت عليه الدنيا كلها، وصار لا يدري أين يتوجه، وكان في البيت سِويبة فدخل فيها مختبئاً، فلما أصبح الصباح جاءت المرأة صاحبة المنزل فرأت الباب مكسوراً، ولم تجد العبد في محله، فأخبرت الرجل بذلك، فحلف لها بالطلاق بأن عبده لا يضيع ما دام جعله في عهدة أستاذه، فصلى الرجل الصبح ودخل البيت ومعه جماعة فوجدوا العبد مختبئاً في السّويبة، وحكى لهم بجميع ما وقع له فتعجبوا من ذلك.
ومنها أن بعض الفقراء أهل المحبة قد وجد الأستاذ يحلق رأسه، فأخذ شعرة من شعر الأستاذ، وشعرة من رأسه هو، وجعلهما الاثنتين في النار، فأكلت النار شعرته ولم تأكل شعرة الأستاذ، فجاء الفقير إلى الأستاذ يبكي وقال له يا سيدي ما كان ظني أن تنجوا أنفسكم وتتركونا، وحكى له القصة، فأخذ الأستاذ شعرة من لحيته المباركة، وقال له خذها مع شعرتك وأعدهما إلى النار، فأعادهما فلم تأكل منها شيئاً، فحمد الله تعالى وسُرّ بذلك.
ومما يؤيد هذه الحكاية ما رواه لي أحد الإخوان الصادقين، قال لي إن الأستاذ خرج يوماً بعد دخول العشاء، وجاء إلى محل قراءة القرآن متخفياً، ثم قعد تحت شجرة بجانب حلقة الذكر، فرأه ابنه الشيخ الطيب رضي الله عنه، فجاء له بفراش، فقال له يا بني إن الفراش لا يُرَدّ، ضعه عند رجلَيّ، وأدنُ مني لأبشرك بهذه البشارة، فدنا منه، فقال له يا بني كل من باشر هذه البقعة بجسمه دون فراش لا تأكل النار جسمه
ومنها ما رويناه عنه أيضاً أنه قال كنت في بدايتي أزور سيدي الشيخ حسن رضي الله عنه، فذات يوم أنا متوجه إليه إذ عارضني في الطريق لصوص، وقالوا لي لا تسلَمُ منا إلا أن تلقي ثيابك وتذهب عُرياناً، فقلت أدركني يا سيدي يا رسول الله، فرأيت ظلمة حالت بيني وبينهم، فلم أرهم ولم أسمع لهم صوتاً، فحمدت الله وانصرفت.
ومنها ما حكاه لي بعض الإخوان الصادقين، أنه قال لي قد جاء بعض التلامذة للأستاذ رضي الله عنه، وقال له يا سيدي قد نزلتْ بي مهمة شديدة وأتيت بك مستغيثاً، فأمره الأستاذ بالصبر، فمكث أياماً، وعاد للأستاذ وقال له يا سيدي أظنكم غفلتم عني، فقال يا هذا: سبحان الله كيف أغفل عنك وقد عرض أمرك هذا عليَّ منذ خمسة وعشرين سنة، ولا زِلت أُعالج فيه؟ فحسب تاريخ مولده فوجد عمره ثمانية عشر سنة فناهيك بهذا الباع الطويل والنظر الوسيع، الذي صاحبه يعرف ما يقع قبل الوضع.
ومنها ما رواه لي من أثق به من الإخوان، إن أحد تلامذة الأستاذ سافر لجهة القضارف، ورافقه في الطريق أحد تلامذة الشيخ التوم رضي الله عنه، فلما سلكوا العقبة وجاءهم الليل احتاجوا للنار، فقام تلميذ الشيخ محمد توم وجمع حطباً، وقال يا هذا إما أن تنفخ فيه النار بحق شيخك، أو أنفخها فيه أنا بحق شيخي، قال تلميذ الأستاذ فبهتّ عند كلامه ولم أدر ما أقوله له، ثم راجعته بكلام ليّن، وقلت له نحن وأنتم حالة واحدة، فانصرف وتركني، فلما قضيت وطري ورجعت من سفري أتيت لزيارة الأستاذ رضي الله عنه، فلما قابلته صرف وجهه عنّي وأعـرض، فقـلت يا سيدي العفو والسماح، فما الجنيّة التي أعرضتَّ بها عني؟ فقال لي أتذكر يوم كذا وكذا؟ حيث كنت أنت وتلميذ الشيخ محمد توم وقال لك ما قال؟ فإني تلك الساعة واقف أمامك والنار بيدي، فلو نفخت في الحطب لقامت فيه النار بإذن الله، ولكنك أنت لست من أهل العقيدة الوثيقة، فتب إلى الله واطلب منه السماح.
ومنها أن بعض الفقراء هرب له آدَمِيّ واقتفى أثره حتى لحقه وقد جنّ عليه الليل، فأدخله في بيت وأغلقه، وقال يا سيدي الشيخ: هذا العبد في عهدتك إلى الصباح، وتركه وذهب إلى محل آخر، فقام العبد وأخذ فأساً وكسر الباب، وأراد الخروج فلم يستطع، وأظلمت عليه الدنيا كلها، وصار لا يدري أين يتوجه، وكان في البيت سِويبة فدخل فيها مختبئاً، فلما أصبح الصباح جاءت المرأة صاحبة المنزل فرأت الباب مكسوراً، ولم تجد العبد في محله، فأخبرت الرجل بذلك، فحلف لها بالطلاق بأن عبده لا يضيع ما دام جعله في عهدة أستاذه، فصلى الرجل الصبح ودخل البيت ومعه جماعة فوجدوا العبد مختبئاً في السّويبة، وحكى لهم بجميع ما وقع له فتعجبوا من ذلك.
ومنها أن بعض الفقراء أهل المحبة قد وجد الأستاذ يحلق رأسه، فأخذ شعرة من شعر الأستاذ، وشعرة من رأسه هو، وجعلهما الاثنتين في النار، فأكلت النار شعرته ولم تأكل شعرة الأستاذ، فجاء الفقير إلى الأستاذ يبكي وقال له يا سيدي ما كان ظني أن تنجوا أنفسكم وتتركونا، وحكى له القصة، فأخذ الأستاذ شعرة من لحيته المباركة، وقال له خذها مع شعرتك وأعدهما إلى النار، فأعادهما فلم تأكل منها شيئاً، فحمد الله تعالى وسُرّ بذلك.
ومما يؤيد هذه الحكاية ما رواه لي أحد الإخوان الصادقين، قال لي إن الأستاذ خرج يوماً بعد دخول العشاء، وجاء إلى محل قراءة القرآن متخفياً، ثم قعد تحت شجرة بجانب حلقة الذكر، فرأه ابنه الشيخ الطيب رضي الله عنه، فجاء له بفراش، فقال له يا بني إن الفراش لا يُرَدّ، ضعه عند رجلَيّ، وأدنُ مني لأبشرك بهذه البشارة، فدنا منه، فقال له يا بني كل من باشر هذه البقعة بجسمه دون فراش لا تأكل النار جسمه
hsbelrasool.bdr- عضو شرف المنتدى
- عدد المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
رد: الفصل الثاني : فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
ومن كراماته رضي الله عنه، أنه أتاه ذات يوم وكيل النفقة الحاج أحمد، وقال له اليوم عيش الكيلة نفد ولم يفضل فيه شيء، فقال له اذهب إلى سليمان الرباطابي، فجاء به إليه، فقال له اذهب إلى خلوة الكيلة وما تجده فيه من العيش ائتني به كثيراً أو قليلاً، فذهب المذكور وكنس من محل العيش مقداراً وجاء به إلى الأستاذ، ووضع في يده الكريمة حفنة مدة، ثم قال له خذها وضعها في محل العيش وكِلْ منها للخدم، فوضعها وصار يكيل للخدم منها سبعة أيام، والكيلة كل يوم ستون برمة حتى حضرت الجِمال من السفر.
ومنها ما حدثني به الفقيه الطاهر ابن الفقيه عيسى، أنه قال لي كنت أقرأ الدِّمياطي، فذات يوم قال لي الأستاذ يا بني لا تقصد بذلك شيئاً سوى وجه الله، وكانت في نفسي علة لقراءتها فلم أتركها، فبينما أنا ذات يوم أقرأ فيها إذ رأيت الأستاذ أخذني من رأسي، وصعد بي إلى السماء حتى غبت عن الوجود ثم أنزلني برفق، فمن ذلك اليوم نسيتها ولم أذكر منها حرفاً واحداً.
ومنها ما حدثني به الحاج حمد المغربي، قال لي إن الأستاذ ذات يوم أرسل لي، فلما حضرت عنده قال لي يا بنيّ أتعرف مقام أبيك؟ فقلت لا يا أبتي، ثم سألني ثانياً وثالثاً وأنا أقول له لا، فعند ذلك قال لي يا بنيّ إن أباك قطب الوقت، وإن درجته عَلَوِيَّة، يعني على قدم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فأحمد الله ولا فخر، وقد كنت ذات يوم بالحضرة النبوية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الإمام عليّاً كرم الله وجهه أن يضمنني ويضمن تلامذتي كلهم، فأخذني وأقعدني على فخذيه وضمني إلى صدره، وقال لي قد ضمنتك وضمنت تلامذتك إلى يوم القيامة، ثم قال لي كذلك أنت أضمن أهل الحضرة وتلامذتهم، فضمنتهم، والحمد لله على ذلك، ثم قال لي يا حمد بشر من تحبه من إخوانك بهذه البشارة.
ومنها ما حدثني به الحاج عوض السيد، أنه قال لي كنت ملازماً للأستاذ رضي الله عنه، وتوجهنا لجهة السافل، فلما وصلنا الشيخ عبد الرازق رضي الله عنه، حضر لنا جماعة من أهل قوز العلم، وقالوا للأستاذ لنا أخ مريض قَصْدُنا تَصِلْ معنا إليه عسى الله أن يشفيه ببركتكم، فتوجه معهم، فلما وصلنا عنده وجدناه في حالة النزع، أو كانت الروح خارجة من جسمه لا تتحرك منه حاسة واحدة، فتفل الأستاذ عليه وقال للناس اخرجوا، فخرجوا جميعهم ولم يبق أحد إلا أنا مع المريض، فشرع الشيخ في الوضوء فمسكت الركوة أُوضّئه، وكان من عادته لا يتكلم في حالة الوضوء، فلما جاء عند غسل ساعده الأيمن سمعته يتكلم، ويقول إن الشيخ الطيب ود البشير ربّنا ملكه الكون ثلاثة وثلاين سنة، ما ضيع منه جناح بعوضة، حتى إن ملك الموت إذا أراد أن يقبض روح عبد يستأذنه في ذلك، فرفعت طرفي إليه فوجدته متزايداً ومتلبساً بحالة لا تطاق، ثم أتم الوضوء ومكثنا باقي يومنا ذلك، فلما كان آخر الليل كان الرجل قد نهض قائماً، واستوى كأن لم يكن به ألم.
ومنها ما حدثني به بعض الإخوان، عن الحاج حمد العربي رضي الله عنه، أنه قال رأيت مكتوباً على عنق الأستاذ بقلم القدرة: هذا ملك الزمان.
ومنها ما حدثني به عليّ الشكري، قال لي جيء للأستاذ رضي الله عنه، بامرأة قد عضها كلب سعران، ومعها زوجها وأبناؤها صغار يبكون من حولها ويصيحون، فربطوها عند المسجد وأعلموا بها الأستاذ، فخرج ونظر إليها وأمر أحد بناته أن تكبّ ماء من ركوته، وتعجن فيه كسرة من كسرة الفقراء وتسقيها من ذلك، فلما سقتها ففي الحال بالت كِلابَ السعر، وشفيت ببركته رضي الله عنه.
ومنها ما حدثني به ابنه الخليفة البِكْر رضي الله عنه، قال عندما كان الأستاذ بالنّخيرة قد كمل ماء الحفير، فقال لي الأستاذ رضي الله عنه، ائتني بماء، فجئت له بماء قليل لا يخلو من عَكَر الطّين، فشرب وسمعته يقول يا مُعين أنا شربت الطّين، وذلك عند صلاة الظهر، فتوضأ رضي الله عنه وقام للصلاة، فلما دخل فيها وجلس الجلسة الوسطى رأيت سحابة قامت في وسط السماء، وأرعدت وأبرقت وأمطرت مطراً كثيراً شربنا منه أياماً.
ومنها ما حدثني به الشيخ محمد ولد صالح، قال لي إن الأستاذ رضي الله عنه ذات يوم دعا الفقراء جميعهم بالنّخيرة، وخرج حتى وقف بمحل بالخطوة المعروفة الآن، فوقف واستقبل القبلة ثم قال لي قف في مكاني هذا، وانظر فإن رأيت شيئاً فلا تتكلم به، فنظرت فرأيت الكعبة، فقال لي عَلِّمْ هذا المكان بعلامة، ثم التفت إلى الحاضرين وقال لهم من وقف في هذا المحل ودعا الله بقلب سليم فرج الله كربته وبلّغه قصده.
ومنها أنه كانت له حمارة يركب عليها، فكانت تدخل في بطن الزرع وتحوم فيه يميناً وشمالاً ولا تقرض منه قشّة واحدة، بل ترعى الحشيش من بين الزرع وتتركه، فذات يوم من الأيام ركب عليها لجهة العيلفون، وأظن أن أهل المحل غفلوا عنها من الأكل والشرب، فدخل الأستاذ المحل الذي فيه الحمارة، فلما رأته نهقت وتمايلت، فلما سمعها الأستاذ صاح بأعلى صوته، وكاد قلبه ينخلع من صدره، ثم بكي بكاء شديداً وقال إنها شكت الضرر، ثم قال اشهدوا أني وهبتها لمن يرغبها، وعاهدت الله ألا اتخذ بعدها حماراً.
ومنها أن رجلاً يدعى بامْسيكة من جماعة البطاحين، وكان لصّاً يربط الطريق ويقتل النفس وينهب الأموال، ولشدة فساده في البلاد قد طلبته الحكومة وقبضته، وكان الطريق الذي يذهب إلى الخرطوم محل إقامة الحكومة يمر على حلة الأستاذ، فجاء به الجند مغلغلاً بالحديد مكبلاً، وقد جاء أوانُ المقيل، فنزلوا به قريباً من المسجد لأجل أن يستريحوا ثم يتوجهوا، فوجد فرصة منهم وهرب وجاء للأستاذ، وقال له يا سيدي إني استغيث بالله وبكم إلا ما نجدتموني من الحكام، لأن الباشا يتوعدني بكل كريهة، فقال له الأستاذ أنجدك بشرط أنك تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فقال له يا سيدي تبت إلى الله تعالى من جميع المعاصي، سواء قتلني الباشا أو تركني، فقال له الأستاذ ما دمت تبت إلى الله فابشر بكل خير، فإن شاء الله لو أدخلت يدك في فم التمساح تخرج سالماً، ثم أعطاه الفاتحة وتوجه مع الجند، فبحال مقابلته للباشا عفا عنه، وأمر بفك قيوده، وكساه من أفخر اللباس، وجعله يداً من أياديه.
ومنها أن بعض الفقراء ضاعت له بقرة، وجاء للأستاذ وألحّ عليه فيها، فقال اذهب إلى الوادي الفلاني تجدها فيه، ولكن قبل أن تصلها يصادفك ذئب على الطريق فلا تخف منه، فتوجه الفقير فوجد بقرته كما وُصِفت له، وصادفه الذئب كما ذُكِر فأخذ بقرته وانصرف.
ومنها ما حكاه لي بعض الإخوان الصادقين، قال لي كنت ذات يوم جالساً مع الأستاذ رضي الله عنه بالحفير ومعي بعض الإخوان، فالتفت إلينا رضي الله عنه، وقال يا أبنائي عن قريب يخرج رجل من الكوع الغربي، ويقدُم إلى الجزيرة أبا، ويقوم معه رجل يدعي المهدوية، ويكون لهم شأن ونصرة حتى يملكوا برّ السودان جميعه، ويقتلوا الترك، وينزلوا بمقرن البحرين، ويموت الرجل المتمهدي، ويخلف الرجل الذي جاء من الغرب، ويملك بعده ملكاً عضوداً، ويزلزل الناس زلزالاً شديداً، حتى يهلكوا بأسباب الجوع، ويأكلوا لحم بعضهم بعضاً، ويزعزع المسلمين شرقاً وغرباً، ويموجون كما تموج القرعة على وجه الماء، ويسلب منهم الدنيا، ويزهدهم في الدين، ويَبْغضُهم ويبغضونه، وكان أخوه الفقيه سعداً حاضراً، فقال له من يُزيل ملكه؟ فقال له بنو الأصفر، فقال ما صنعتهم؟ فقال قوم لهم حجول سود، ينكحون الدبور، ويكرهون الفروج، ويركبون الخيل بغير سروج، فعندما يأتونه يهرب منهم على وجه الأرض سنة بالجوع والعطش، حتى يقتلوه تحت شجرة، وقد كان الأمر كما ذكره الأستاذ رضي الله عنه
ومنها ما حدثني به الفقيه الطاهر ابن الفقيه عيسى، أنه قال لي كنت أقرأ الدِّمياطي، فذات يوم قال لي الأستاذ يا بني لا تقصد بذلك شيئاً سوى وجه الله، وكانت في نفسي علة لقراءتها فلم أتركها، فبينما أنا ذات يوم أقرأ فيها إذ رأيت الأستاذ أخذني من رأسي، وصعد بي إلى السماء حتى غبت عن الوجود ثم أنزلني برفق، فمن ذلك اليوم نسيتها ولم أذكر منها حرفاً واحداً.
ومنها ما حدثني به الحاج حمد المغربي، قال لي إن الأستاذ ذات يوم أرسل لي، فلما حضرت عنده قال لي يا بنيّ أتعرف مقام أبيك؟ فقلت لا يا أبتي، ثم سألني ثانياً وثالثاً وأنا أقول له لا، فعند ذلك قال لي يا بنيّ إن أباك قطب الوقت، وإن درجته عَلَوِيَّة، يعني على قدم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فأحمد الله ولا فخر، وقد كنت ذات يوم بالحضرة النبوية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الإمام عليّاً كرم الله وجهه أن يضمنني ويضمن تلامذتي كلهم، فأخذني وأقعدني على فخذيه وضمني إلى صدره، وقال لي قد ضمنتك وضمنت تلامذتك إلى يوم القيامة، ثم قال لي كذلك أنت أضمن أهل الحضرة وتلامذتهم، فضمنتهم، والحمد لله على ذلك، ثم قال لي يا حمد بشر من تحبه من إخوانك بهذه البشارة.
ومنها ما حدثني به الحاج عوض السيد، أنه قال لي كنت ملازماً للأستاذ رضي الله عنه، وتوجهنا لجهة السافل، فلما وصلنا الشيخ عبد الرازق رضي الله عنه، حضر لنا جماعة من أهل قوز العلم، وقالوا للأستاذ لنا أخ مريض قَصْدُنا تَصِلْ معنا إليه عسى الله أن يشفيه ببركتكم، فتوجه معهم، فلما وصلنا عنده وجدناه في حالة النزع، أو كانت الروح خارجة من جسمه لا تتحرك منه حاسة واحدة، فتفل الأستاذ عليه وقال للناس اخرجوا، فخرجوا جميعهم ولم يبق أحد إلا أنا مع المريض، فشرع الشيخ في الوضوء فمسكت الركوة أُوضّئه، وكان من عادته لا يتكلم في حالة الوضوء، فلما جاء عند غسل ساعده الأيمن سمعته يتكلم، ويقول إن الشيخ الطيب ود البشير ربّنا ملكه الكون ثلاثة وثلاين سنة، ما ضيع منه جناح بعوضة، حتى إن ملك الموت إذا أراد أن يقبض روح عبد يستأذنه في ذلك، فرفعت طرفي إليه فوجدته متزايداً ومتلبساً بحالة لا تطاق، ثم أتم الوضوء ومكثنا باقي يومنا ذلك، فلما كان آخر الليل كان الرجل قد نهض قائماً، واستوى كأن لم يكن به ألم.
ومنها ما حدثني به بعض الإخوان، عن الحاج حمد العربي رضي الله عنه، أنه قال رأيت مكتوباً على عنق الأستاذ بقلم القدرة: هذا ملك الزمان.
ومنها ما حدثني به عليّ الشكري، قال لي جيء للأستاذ رضي الله عنه، بامرأة قد عضها كلب سعران، ومعها زوجها وأبناؤها صغار يبكون من حولها ويصيحون، فربطوها عند المسجد وأعلموا بها الأستاذ، فخرج ونظر إليها وأمر أحد بناته أن تكبّ ماء من ركوته، وتعجن فيه كسرة من كسرة الفقراء وتسقيها من ذلك، فلما سقتها ففي الحال بالت كِلابَ السعر، وشفيت ببركته رضي الله عنه.
ومنها ما حدثني به ابنه الخليفة البِكْر رضي الله عنه، قال عندما كان الأستاذ بالنّخيرة قد كمل ماء الحفير، فقال لي الأستاذ رضي الله عنه، ائتني بماء، فجئت له بماء قليل لا يخلو من عَكَر الطّين، فشرب وسمعته يقول يا مُعين أنا شربت الطّين، وذلك عند صلاة الظهر، فتوضأ رضي الله عنه وقام للصلاة، فلما دخل فيها وجلس الجلسة الوسطى رأيت سحابة قامت في وسط السماء، وأرعدت وأبرقت وأمطرت مطراً كثيراً شربنا منه أياماً.
ومنها ما حدثني به الشيخ محمد ولد صالح، قال لي إن الأستاذ رضي الله عنه ذات يوم دعا الفقراء جميعهم بالنّخيرة، وخرج حتى وقف بمحل بالخطوة المعروفة الآن، فوقف واستقبل القبلة ثم قال لي قف في مكاني هذا، وانظر فإن رأيت شيئاً فلا تتكلم به، فنظرت فرأيت الكعبة، فقال لي عَلِّمْ هذا المكان بعلامة، ثم التفت إلى الحاضرين وقال لهم من وقف في هذا المحل ودعا الله بقلب سليم فرج الله كربته وبلّغه قصده.
ومنها أنه كانت له حمارة يركب عليها، فكانت تدخل في بطن الزرع وتحوم فيه يميناً وشمالاً ولا تقرض منه قشّة واحدة، بل ترعى الحشيش من بين الزرع وتتركه، فذات يوم من الأيام ركب عليها لجهة العيلفون، وأظن أن أهل المحل غفلوا عنها من الأكل والشرب، فدخل الأستاذ المحل الذي فيه الحمارة، فلما رأته نهقت وتمايلت، فلما سمعها الأستاذ صاح بأعلى صوته، وكاد قلبه ينخلع من صدره، ثم بكي بكاء شديداً وقال إنها شكت الضرر، ثم قال اشهدوا أني وهبتها لمن يرغبها، وعاهدت الله ألا اتخذ بعدها حماراً.
ومنها أن رجلاً يدعى بامْسيكة من جماعة البطاحين، وكان لصّاً يربط الطريق ويقتل النفس وينهب الأموال، ولشدة فساده في البلاد قد طلبته الحكومة وقبضته، وكان الطريق الذي يذهب إلى الخرطوم محل إقامة الحكومة يمر على حلة الأستاذ، فجاء به الجند مغلغلاً بالحديد مكبلاً، وقد جاء أوانُ المقيل، فنزلوا به قريباً من المسجد لأجل أن يستريحوا ثم يتوجهوا، فوجد فرصة منهم وهرب وجاء للأستاذ، وقال له يا سيدي إني استغيث بالله وبكم إلا ما نجدتموني من الحكام، لأن الباشا يتوعدني بكل كريهة، فقال له الأستاذ أنجدك بشرط أنك تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فقال له يا سيدي تبت إلى الله تعالى من جميع المعاصي، سواء قتلني الباشا أو تركني، فقال له الأستاذ ما دمت تبت إلى الله فابشر بكل خير، فإن شاء الله لو أدخلت يدك في فم التمساح تخرج سالماً، ثم أعطاه الفاتحة وتوجه مع الجند، فبحال مقابلته للباشا عفا عنه، وأمر بفك قيوده، وكساه من أفخر اللباس، وجعله يداً من أياديه.
ومنها أن بعض الفقراء ضاعت له بقرة، وجاء للأستاذ وألحّ عليه فيها، فقال اذهب إلى الوادي الفلاني تجدها فيه، ولكن قبل أن تصلها يصادفك ذئب على الطريق فلا تخف منه، فتوجه الفقير فوجد بقرته كما وُصِفت له، وصادفه الذئب كما ذُكِر فأخذ بقرته وانصرف.
ومنها ما حكاه لي بعض الإخوان الصادقين، قال لي كنت ذات يوم جالساً مع الأستاذ رضي الله عنه بالحفير ومعي بعض الإخوان، فالتفت إلينا رضي الله عنه، وقال يا أبنائي عن قريب يخرج رجل من الكوع الغربي، ويقدُم إلى الجزيرة أبا، ويقوم معه رجل يدعي المهدوية، ويكون لهم شأن ونصرة حتى يملكوا برّ السودان جميعه، ويقتلوا الترك، وينزلوا بمقرن البحرين، ويموت الرجل المتمهدي، ويخلف الرجل الذي جاء من الغرب، ويملك بعده ملكاً عضوداً، ويزلزل الناس زلزالاً شديداً، حتى يهلكوا بأسباب الجوع، ويأكلوا لحم بعضهم بعضاً، ويزعزع المسلمين شرقاً وغرباً، ويموجون كما تموج القرعة على وجه الماء، ويسلب منهم الدنيا، ويزهدهم في الدين، ويَبْغضُهم ويبغضونه، وكان أخوه الفقيه سعداً حاضراً، فقال له من يُزيل ملكه؟ فقال له بنو الأصفر، فقال ما صنعتهم؟ فقال قوم لهم حجول سود، ينكحون الدبور، ويكرهون الفروج، ويركبون الخيل بغير سروج، فعندما يأتونه يهرب منهم على وجه الأرض سنة بالجوع والعطش، حتى يقتلوه تحت شجرة، وقد كان الأمر كما ذكره الأستاذ رضي الله عنه
hsbelrasool.bdr- عضو شرف المنتدى
- عدد المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
رد: الفصل الثاني : فيما أكرمه الله به من الكرامات وخوارق العادات
ومنها أنه ذات يوم جاءه رجل وسأله عن مسألة فقهية، فقال له اذهب واسأل عنها الشريف أبابكر، فقال له يا سيدي تكفيني معرفتك، فقال له إني لا أعرف شيئاً، فكيف وأنا لا أعرف الخطّ فضلاً عن غيره؟ فقال له لا أطلب غير معرفتك شيئاً، فقال له الأستاذ يا هذا ما دام سجع أسيادي موجوداً فلا حاجة لكلامي، وأما إذا فُقد فرغماً عن أنفي أتكلم، إذ أن حقيقة الولي الكامل إذا اندرست المذاهب الأربعة يحييها من رأسه بدون تكلف.
ومنها أنه كان ذات يوم بجانبه قربة فيها ماء، وجاء بعض الأولاد يشرب منها، فانتهره الأستاذ وقال له إن شربت سأضربك، فأنكرت بقلبي، وقلت قد قال الشيخ ابن أبي زيد صاحب الرسالة: (ولا بأس بالشرب قائماً) فالتفت مكاشفاً، وقال لي يا هذا أنا ما حَرّمْتُه، ولكن أهل الحكمة قد قالوا إن الشرب قائماً يتولد منه مرض شديد، فلذلك فالحُجّة الباطلة تورث النفاق في القلب.
وسمعت الأستاذ يحكي بأحوال الشيخ حسن وبداية أمره، قال كان الشيخ حسن في بدايته أتى إلى الشيخ أبي بكر بحجر العسل، وطلب منه البيعة، فقال له اذهب وادخل لك خلوة في بعوضة الجزيرة هناك يأتيك شيخك، فذهب ودخل الخلوة ففتح الله عليه، وعرج بروحه إلى السموات السبع حتى سمع صريف الأقلام، ونزل بجزيرة الأندلس وخطاً ثلاث خطوات: الأولى وصل بها البحر المالح، والثانية بمكة، والثالثة بالمدينة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكاففة، وقد بسط الله له في المدد ولكن ابتلاه بالدنيا، وأنا أحمد الله ولا فخر إن جميع ما أعطاه الله الشيخ حسن أعطانيه وزيادة، ولكن ابتلاني بالخلاف، ومن فضل الله عليّ إذا حصلت مشورة في الحضرة النبوية فأهل الله كلهم يصغون لقولي ويعملون بكلامي، وكنت في زمن صِغري راعياً الأغنام، فأتاني رجل أصفر قصير، وقال لي يا محمد اتخذتك لي ابناً وغاب عني، فلما رجعت إلى أهلي وأخبرت جدّتي عزلة بذلك قالت لي يا ابني هذا هو الشيخ حسن.
ومن كراماته رضي الله عنه ما حدثني به أخي علي الشّكري الشاعر، قال لي كان بعض الفقراء أخذته الحالة وجيء به إلى الأستاذ، فقال أين كنت يا هذا؟ فقال كنت في الساقية، فقال له بعض الحاضرين أين الساقية؟ فقال في ربع السماء السابع، فأعرض عنه الأستاذ، وقال أوثقوه بالحديد حتى يفيق من هذه الحالة فأوثقوه، قال عليّ فذهبت بعد أن أُوثق بالحديد، فصار يتكلم معي ويقول لي يا عليّ إن الأستاذ له أربع نقاقير في الغيب: اثنين في الحفير، واثنين تحت شجرة الذكر، فاللّتان بالحفير يضربان له عند خروجه للحفير، واللّتان تحت شجرة الذكر يضربان له عند خروجه، فبينما هو يتكلم معي إذ قال لي إن الأستاذ خرج للحفير، ألم تسمع النقارة ضربت؟ وكان بيننا وبين محل الأستاذ حيطان وبيوت لا نراه ولا يرانا، فقمت لأنظر صدق القول، فوجدت الأستاذ قد خرج للحفير كما ذكر،
ومنها ما حدثني به الفقيه الخليل محمد، قال لي كنت مع الأستاذ في ساعة السّحر، فقال لي يا فلان أطلع الفجر؟ فقلت له لا، فقال اخرج وانظره، فخرجت فوجدته أول انصداعه، فرجعت له وقلت له قد طلع فتبسّم، وقال لي يا بنيّ إن بعض أهل الله يشمّون رائحته، وبعضهم يسمعون صوته كفتح الباب.
ومنها أن رجلاً يقال له أبوبكر الباركيّ من أهالي الصّبح، ساكن بحلّة كترانج مع الفقيه البدوي، وكان الفقيه البدوي توجه لجهة بربر وتركني في الخلوة، وتراكم علىّ الضيوف، ويدي خالية عن الموجود، فجئت إلى الأستاذ وأخبرته بذلك، فقال لي أبشر بالخير، فإن شاء الله كل ما تطلبه تجده، فرجعت إلى أهلي، فلما جاء الليل ونمت رأيت الأستاذ رضي الله عنه، قد جاء وأخذ حجر المرهاكة، ودوّره على رأسه ثلاث مرات وحطه في محله، فمن ذلك اليوم درّ الرزق علينا درّاً، وحصلت لنا البركة، ولم نحتج لشيء مطلقاً، وذلك ببركة الأستاذ.
ومنها أنه كان ذات يوم بعض الفقراء يقرأ على الأستاذ مناقب الشيخ أبي العباس المُرْسِي، فقال إن الشيخ أبا العباس المُرْسِي كان يُؤْتَي له بالبدويّ عند صلاة الصبح يبول على ساقه، فلم يمس عليه الليل إلا ويصير من الكمّل، فقال الأستاذ رضي الله عنه، نحن بفضل الله تعالى كم من أتانا مثل هذا عند صلاة الصبح، وعند صلاة الظهر صار من الكمّل، وكم مَن أتانا عند صلاة الظهر، وعند صلاة العصر صار من الكمّل، وكم من أتانا عند صلاة المغرب صار من الكمّل.
ومنها ما حدثني به بعض الصادقين، واستحلفته، بالله وحلف لي أنه سمع من الحاج حسن حسب الله، أنه قال له كنت أخرج من المسجد ليلاً، واشتغل بوِرْدي في الخلاء، فذات يوم بعد أن أتممته سمعت قائلاً يقول لي إن الله أكرم شيخك بسبعين ألفاً كلهم قد استوجبوا النار، وتكرر هذا الهاتف عليَّ يومين، فجئت للأستاذ وأخبرته بذلك، فقال لي كم وكم وكم حتى انقطع نفسه، فحمدت الله على ذلك وانصرفت.
ومنها أن رجلاً من أهل جزيرة الْهُوىْ جاء للأستاذ رضي الله عنه، فقال له إن زوجتي صحبها عفريت من الجانّ، وحال بيني وبينها، فمتى جئتها روحي تزهق، ولذلك جئتك أشكو إليك هذه المصيبة التي نزلت بي، واستغيث بالله وبك في دفع هذه المهمة، فقال له الأستاذ رضي الله عنه، امكث معنا يومين أو ثلاثاً حتى يحكم الله بما يريد، فمكث بالمسجد سبعة أشهر لا يسأله الأستاذ عن شيء، ولا تعرّض لسيرته يوماً من الأيام، فلما تمت السبعة أشهر نادى: يا فلان توجه لأهلك، فقام الرجل وتوجه لأهله، فبمجرد وصوله عند أهله ودخوله في بيته جاءه العفريت بصفة هائلة، وصارت الدنيا في عينه ظلاماً حتى يئس من نفسه، فبينما هو كذلك وإذا هو بالأستاذ رضي الله عنه، وعصاه بيده، فضرب بها العفريت حتى التهب البيت كله ناراً، وصاح صيحة موحشة وغاب عنه، وكذلك الأستاذ، فبعد قليل قال سمعت الضجة والبكاء من داخل البيت، وأناس لهم لم أصفهم يحملون ذلك العفريت ميتاً، فخرجوا به من البيت، فلم أزل أنظر إليهم يسيرون به حتى قطعوا بالبحر وغابوا به عني، فحمدت الله على ذلك.
ومنها أنه لما توجه رضي الله عنه، إلى فداسي لخروج صالح ولد المك من القفر، فبعد أن أنهى أمره طلبه الشيخ حمد النيل ولد الشيخ أحمد الريح، لأجل أن يتوجه معه لمنزله، فتوجه معه، فلما وصلوا هناك جيء له بامرأة فيها نَبْتٌ في فرجها، فلما أخبروه بها قال لهم أين زوج المرأة؟ فجاء له، فقال له صفها لي، فصار الرجل يصفها له والأستاذ يبيّن وصفها في الأرض حتى تمّ، ثم قال له توجه وخذ معك أربعة أنفار من محرمها يكونوا لازمِين ويمسكوها قوي وأعطوني خبراً، فمسكوها وأخبروا الأستاذ، فمسك ذلك البيان الذي بالأرض وقطّعه بيده، فهناك قُطِعت النبتة ونزلت جميعها، وصاح أهلها بالفرح.
ومنها أنه ذات يوم دخل حلقة الذكر وحصل له حال، فقال ابشروا فمن رآني، أو رأى من رآني، أو رأى من رأى من رآني لا تأكله النار،
وذلك جائز لأن أولياء الله مبجّلون عند ربهم ولهم ما يشاءون، وقد ذُكر مثل ذلك في مناقب الإمام أبي حنيفة النّعمان رضي الله عنه، قيل إنه لما حج إلى بيت الله الحرام دخل الكعبة، ووقف على أحد رجليه حتى قرأ نصف القرآن، ثم وقف على رجله الثانية حتى ختمه، ثم قال إلهي قد عرفتك حق معرفتك ولكن ما عبدتك حق عبادتك، فهب لي ما نقص من عبادتك لكامل معرفتك، فسمع هاتفاً يقول قد عرفتنا حق المعرفة، وعبدتنا حق العبادة، قد غفرنا لك، ولمن كان على مذهبك إلى قيام الساعة، وهذا من جائز الكرامات التي يُتحف الله بها أولياءه، وفي حديث الشجرة ما يكفي ، حيث ناداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت تشق الأرض حتى سجدت بين يديه، فقال له الأعرابي يا رسول الله هذه لك خاصة أم لأمتك عامة؟ فقال بل لكل من نهج نهجي من أمتي، وهذه كتب القوم كلها مشحونة بكرامات الأولياء، وقد قال صاحب الجوهرة شعراً:
وأثبتَنْ للأوليا الكرامَه ** ومَن نفاها فأنبِذن كلامَه
يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t189-topic
ومنها أنه كان ذات يوم بجانبه قربة فيها ماء، وجاء بعض الأولاد يشرب منها، فانتهره الأستاذ وقال له إن شربت سأضربك، فأنكرت بقلبي، وقلت قد قال الشيخ ابن أبي زيد صاحب الرسالة: (ولا بأس بالشرب قائماً) فالتفت مكاشفاً، وقال لي يا هذا أنا ما حَرّمْتُه، ولكن أهل الحكمة قد قالوا إن الشرب قائماً يتولد منه مرض شديد، فلذلك فالحُجّة الباطلة تورث النفاق في القلب.
وسمعت الأستاذ يحكي بأحوال الشيخ حسن وبداية أمره، قال كان الشيخ حسن في بدايته أتى إلى الشيخ أبي بكر بحجر العسل، وطلب منه البيعة، فقال له اذهب وادخل لك خلوة في بعوضة الجزيرة هناك يأتيك شيخك، فذهب ودخل الخلوة ففتح الله عليه، وعرج بروحه إلى السموات السبع حتى سمع صريف الأقلام، ونزل بجزيرة الأندلس وخطاً ثلاث خطوات: الأولى وصل بها البحر المالح، والثانية بمكة، والثالثة بالمدينة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكاففة، وقد بسط الله له في المدد ولكن ابتلاه بالدنيا، وأنا أحمد الله ولا فخر إن جميع ما أعطاه الله الشيخ حسن أعطانيه وزيادة، ولكن ابتلاني بالخلاف، ومن فضل الله عليّ إذا حصلت مشورة في الحضرة النبوية فأهل الله كلهم يصغون لقولي ويعملون بكلامي، وكنت في زمن صِغري راعياً الأغنام، فأتاني رجل أصفر قصير، وقال لي يا محمد اتخذتك لي ابناً وغاب عني، فلما رجعت إلى أهلي وأخبرت جدّتي عزلة بذلك قالت لي يا ابني هذا هو الشيخ حسن.
ومن كراماته رضي الله عنه ما حدثني به أخي علي الشّكري الشاعر، قال لي كان بعض الفقراء أخذته الحالة وجيء به إلى الأستاذ، فقال أين كنت يا هذا؟ فقال كنت في الساقية، فقال له بعض الحاضرين أين الساقية؟ فقال في ربع السماء السابع، فأعرض عنه الأستاذ، وقال أوثقوه بالحديد حتى يفيق من هذه الحالة فأوثقوه، قال عليّ فذهبت بعد أن أُوثق بالحديد، فصار يتكلم معي ويقول لي يا عليّ إن الأستاذ له أربع نقاقير في الغيب: اثنين في الحفير، واثنين تحت شجرة الذكر، فاللّتان بالحفير يضربان له عند خروجه للحفير، واللّتان تحت شجرة الذكر يضربان له عند خروجه، فبينما هو يتكلم معي إذ قال لي إن الأستاذ خرج للحفير، ألم تسمع النقارة ضربت؟ وكان بيننا وبين محل الأستاذ حيطان وبيوت لا نراه ولا يرانا، فقمت لأنظر صدق القول، فوجدت الأستاذ قد خرج للحفير كما ذكر،
ومنها ما حدثني به الفقيه الخليل محمد، قال لي كنت مع الأستاذ في ساعة السّحر، فقال لي يا فلان أطلع الفجر؟ فقلت له لا، فقال اخرج وانظره، فخرجت فوجدته أول انصداعه، فرجعت له وقلت له قد طلع فتبسّم، وقال لي يا بنيّ إن بعض أهل الله يشمّون رائحته، وبعضهم يسمعون صوته كفتح الباب.
ومنها أن رجلاً يقال له أبوبكر الباركيّ من أهالي الصّبح، ساكن بحلّة كترانج مع الفقيه البدوي، وكان الفقيه البدوي توجه لجهة بربر وتركني في الخلوة، وتراكم علىّ الضيوف، ويدي خالية عن الموجود، فجئت إلى الأستاذ وأخبرته بذلك، فقال لي أبشر بالخير، فإن شاء الله كل ما تطلبه تجده، فرجعت إلى أهلي، فلما جاء الليل ونمت رأيت الأستاذ رضي الله عنه، قد جاء وأخذ حجر المرهاكة، ودوّره على رأسه ثلاث مرات وحطه في محله، فمن ذلك اليوم درّ الرزق علينا درّاً، وحصلت لنا البركة، ولم نحتج لشيء مطلقاً، وذلك ببركة الأستاذ.
ومنها أنه كان ذات يوم بعض الفقراء يقرأ على الأستاذ مناقب الشيخ أبي العباس المُرْسِي، فقال إن الشيخ أبا العباس المُرْسِي كان يُؤْتَي له بالبدويّ عند صلاة الصبح يبول على ساقه، فلم يمس عليه الليل إلا ويصير من الكمّل، فقال الأستاذ رضي الله عنه، نحن بفضل الله تعالى كم من أتانا مثل هذا عند صلاة الصبح، وعند صلاة الظهر صار من الكمّل، وكم مَن أتانا عند صلاة الظهر، وعند صلاة العصر صار من الكمّل، وكم من أتانا عند صلاة المغرب صار من الكمّل.
ومنها ما حدثني به بعض الصادقين، واستحلفته، بالله وحلف لي أنه سمع من الحاج حسن حسب الله، أنه قال له كنت أخرج من المسجد ليلاً، واشتغل بوِرْدي في الخلاء، فذات يوم بعد أن أتممته سمعت قائلاً يقول لي إن الله أكرم شيخك بسبعين ألفاً كلهم قد استوجبوا النار، وتكرر هذا الهاتف عليَّ يومين، فجئت للأستاذ وأخبرته بذلك، فقال لي كم وكم وكم حتى انقطع نفسه، فحمدت الله على ذلك وانصرفت.
ومنها أن رجلاً من أهل جزيرة الْهُوىْ جاء للأستاذ رضي الله عنه، فقال له إن زوجتي صحبها عفريت من الجانّ، وحال بيني وبينها، فمتى جئتها روحي تزهق، ولذلك جئتك أشكو إليك هذه المصيبة التي نزلت بي، واستغيث بالله وبك في دفع هذه المهمة، فقال له الأستاذ رضي الله عنه، امكث معنا يومين أو ثلاثاً حتى يحكم الله بما يريد، فمكث بالمسجد سبعة أشهر لا يسأله الأستاذ عن شيء، ولا تعرّض لسيرته يوماً من الأيام، فلما تمت السبعة أشهر نادى: يا فلان توجه لأهلك، فقام الرجل وتوجه لأهله، فبمجرد وصوله عند أهله ودخوله في بيته جاءه العفريت بصفة هائلة، وصارت الدنيا في عينه ظلاماً حتى يئس من نفسه، فبينما هو كذلك وإذا هو بالأستاذ رضي الله عنه، وعصاه بيده، فضرب بها العفريت حتى التهب البيت كله ناراً، وصاح صيحة موحشة وغاب عنه، وكذلك الأستاذ، فبعد قليل قال سمعت الضجة والبكاء من داخل البيت، وأناس لهم لم أصفهم يحملون ذلك العفريت ميتاً، فخرجوا به من البيت، فلم أزل أنظر إليهم يسيرون به حتى قطعوا بالبحر وغابوا به عني، فحمدت الله على ذلك.
ومنها أنه لما توجه رضي الله عنه، إلى فداسي لخروج صالح ولد المك من القفر، فبعد أن أنهى أمره طلبه الشيخ حمد النيل ولد الشيخ أحمد الريح، لأجل أن يتوجه معه لمنزله، فتوجه معه، فلما وصلوا هناك جيء له بامرأة فيها نَبْتٌ في فرجها، فلما أخبروه بها قال لهم أين زوج المرأة؟ فجاء له، فقال له صفها لي، فصار الرجل يصفها له والأستاذ يبيّن وصفها في الأرض حتى تمّ، ثم قال له توجه وخذ معك أربعة أنفار من محرمها يكونوا لازمِين ويمسكوها قوي وأعطوني خبراً، فمسكوها وأخبروا الأستاذ، فمسك ذلك البيان الذي بالأرض وقطّعه بيده، فهناك قُطِعت النبتة ونزلت جميعها، وصاح أهلها بالفرح.
ومنها أنه ذات يوم دخل حلقة الذكر وحصل له حال، فقال ابشروا فمن رآني، أو رأى من رآني، أو رأى من رأى من رآني لا تأكله النار،
وذلك جائز لأن أولياء الله مبجّلون عند ربهم ولهم ما يشاءون، وقد ذُكر مثل ذلك في مناقب الإمام أبي حنيفة النّعمان رضي الله عنه، قيل إنه لما حج إلى بيت الله الحرام دخل الكعبة، ووقف على أحد رجليه حتى قرأ نصف القرآن، ثم وقف على رجله الثانية حتى ختمه، ثم قال إلهي قد عرفتك حق معرفتك ولكن ما عبدتك حق عبادتك، فهب لي ما نقص من عبادتك لكامل معرفتك، فسمع هاتفاً يقول قد عرفتنا حق المعرفة، وعبدتنا حق العبادة، قد غفرنا لك، ولمن كان على مذهبك إلى قيام الساعة، وهذا من جائز الكرامات التي يُتحف الله بها أولياءه، وفي حديث الشجرة ما يكفي ، حيث ناداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت تشق الأرض حتى سجدت بين يديه، فقال له الأعرابي يا رسول الله هذه لك خاصة أم لأمتك عامة؟ فقال بل لكل من نهج نهجي من أمتي، وهذه كتب القوم كلها مشحونة بكرامات الأولياء، وقد قال صاحب الجوهرة شعراً:
وأثبتَنْ للأوليا الكرامَه ** ومَن نفاها فأنبِذن كلامَه
يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t189-topic
hsbelrasool.bdr- عضو شرف المنتدى
- عدد المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
مواضيع مماثلة
» الفصل العاشر: فيما يُفترض على المريد الصادق
» الفصل الثاني عشر: في بيان مقاصد الأذكار
» السو السادة الخرقوا العادات
» الفصل الأول: في الشهـــادات والكرامات
» كتاب سراج السالكين
» الفصل الثاني عشر: في بيان مقاصد الأذكار
» السو السادة الخرقوا العادات
» الفصل الأول: في الشهـــادات والكرامات
» كتاب سراج السالكين
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان :: منتدى الثقافة الاسلامية :: منتدى الكتب والبحوث والدراسات :: منتدى كتاب مفتاح البصائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 1:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» أبكار أبونا الشيخ ابراهيم الكباشي
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:41 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ محمد ود البخاري ساكن المدينة المنورة
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:23 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» سيرة سيدنا ومولانا الأستاذ الشيخ إدريس أب فركة
السبت مايو 07, 2016 10:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الحسين ولد صباحي المحسي ؛ راجل (شبونة الشيخ الحسين)
السبت مايو 07, 2016 10:50 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الطيب الحاج الصديق ود بدر (ود السائح)
الإثنين أكتوبر 26, 2015 12:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» الجيلي يا الجيلي الآن بدرنا الساكن أم ضبان
الإثنين أكتوبر 26, 2015 11:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» لله أقـــــوام نعيمهم القرب
الإثنين أكتوبر 26, 2015 10:14 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» دلائل الخيرات في الصلوات على سيد السادات
الإثنين أكتوبر 26, 2015 9:24 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ