بحـث
المواضيع الأخيرة
في بيان شروط المتوجّه إلى الله تعالى
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان :: منتدى الثقافة الاسلامية :: منتدى الكتب والبحوث والدراسات :: منتدى كتاب سراج السالكين
صفحة 1 من اصل 1
في بيان شروط المتوجّه إلى الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل التاسع
في بيان شروط المتوجّه إلى الله تعالى.
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه: من شروط المتوجّه إلى الله أن تجتمع فيه خمس خصال:
أن يكون أعمي، وأبكم، وأطرش، ومجذّماً، وضفدعاً،
فمعنى أبكم: لا يتكلّم بكلام الفضول، متباعداً عن كثرة القول، زاهداً الدينا،
ومعنى أطرش: لا يسمع لها لذّة،
ومعني مجذّم: معتزل عن الخلق،
ومعنى ضفدع: طاهر دائم الأبد،
فهذه صفة المتوجّه إلى الله تعالى. وقـال (الشيخ محمد بدر) أيضاً:
سبعة إذا انتسب الفقير المتوجّه إليها فاجعله هو والزِّبل سواء :
السكون إلى الجاه،
والطمع في الدنيا،
والخروج إلى السفر،
ومصاحبة الفساق،
ووضع الشيء في غير محله،
والارتكان إلى الظَّلَمة،
والبخل، لأن البخيل بعيد من الله، فمن كان بعيداً منه فكيف يطمع في الدخول في حضرته؟
واعلم أن منشأ البخل من خوف الفقر، فمتى عرضت له نفسه ذلك فليعرض لها قولَ الصادق المصدوقِ صلى الله عليه وسلم:
(ما زاد درهمُ مَن كَنَزَ، ولا نَقَصَ درهمُ مَن أنَفق).
ومن وشروطه ألا يُخيّب ظنّ منّ ظنّ به خيراً، فإنّي رضيت بالنّقص في فرضي، ولا رضيت به في عرضي، وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:
(من ظنّ فيكم خيراً فلا تخيّبوه).
وفراراً من قوله صلى الله عليه وسلم:
(من قطع رجاءَ من ارتجاه، قطع الله منه رجاءه يوم القيامة).
ومن شروطه أيضاً :
أن يكون الجوف خالياً من الطعام،
واللسان ثقيل في الكلام،
والعين جافيةُ للمنام،
والعقل مشاهد للسلام.
ومن شروطه أيضا :
صفاء الجوف،
والاستكانة بالخوف،
وأن تكون له ثلاث ساعات: ساعة في التعليم، وساعة في التهييم، وساعة بين يدي الله العلي العظيم.
ومن شروطه الإعراض عن كافة المخلوقات، والانقطاع إلى الله تعالى، عملأً بالحديث الشريف وهو:
(من أراد صاحبا ًفالله يكفيه، ومن أراد مؤنساً فالقرآن يكفيه، ومن أراد غنى فالقناعة تكفيه، ومن أراد واعظاً فالموت يكفيه، ومن لم يتعظ بهذا فالنار تكويه).
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ينبغي للمتوجه أن يُعرض إعراضاً تاماً عن كافة الشهوات، من مركوب، وملبوس، ومأكول، ومشروب، لأن من كمَّل شهوته في دنياه لم ينل مقصوده من مولاه، ومن لزم حاله بلغ مناله، فالنفس مائلة للشهوات، مجبولة على المخالفات، فمن أعرض عن الشهوات نال القربات، فطوبي لمن ترك شهوة حاضرة لميعاد غائب، فليتحرّ المريد أن يكون على خلاء من بطنه، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي:
(بحسَبِ ابنِ آدم لُقيماتٌ يُقمنَ صلبَه)،
واللُّقيمات من السبع إلى التسع، وإلّا فثلثٌ للطعام، وثلثٌ للشراب، وثلثٌ لنفَسِهِ، وفي حديث آخر: (المعدةُ بيتُ الداءِ، والحِمْيةُ أصْلُ الدّواء، وأصْلُ كلّ داءٍ البَرَدَة)، فمعني الحِمْية: امتناع النفس مما تشتهيه، ومعنى البردة: المطعم والمأكل، لأنه متى امتلأت المعدة عجزت الجوارح، ونامت الفِكَر، وكثر البخار في الدماغ، واستولت النفسُ النّوم، وتولّدت النجاسة، لأن الشبع يسدّ باب المكاشفات، والجوع يفتحه،
وأنتم يا علماء الظاهر تقولون القوة من الطعام، فلو كانت القوة من الطعام لما كان الملك جبريل قلع مدائن قوم لوط ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء أذان الدّيَكة، مع أنّه لا يأكل ولا يشرب،
فللجوع سحاب، فإذا جاع الباطن مُطر القلب بالأنوار والأسرار والمشاهدات القدسية، والفتوحات الربانية، وهذا لا يحصل إلّا لمن غلبت نُورانيته على جسمانيته، عدا أصحاب الأعمال الشاقة كالنّوتي والحصّاد وغير ذلك،
والمدار الأكبر على مخالفة النفس وجهادها لقوله عليه الصلاة والسلام لما رجع من بعض غزواته:
(رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر).
وهو جهاد النفس، فمن جاهدها وخالف هواها فقد أعطاها مناها، ومن تابعها في هواها تعضّل عليه داؤها وقلّ دواؤها، فترك هواها هو المرهم المجمع لدواها، فالكيّس من دانها وعمل لما وراها، والفاجر من اتبع هواها وحُجِب عما وراها، كما هو شأن أهل هذا الزمان الذين خالفوا طريق سلفهم.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
إن الطريقة في هذا الزمن صارت صعبة المرام، ومركبها قد غرقت، ومقاديفها قد تكسّرت، فلا تقع إلا بالكدّ والجدّ،
وقد أنشدوا في هذا المعنى:
ويا صاحبي قِفْ بي مع الحقّ وقفةً ** أموتُ بها وجْداً وأحيا بها وجْدَا
وقـل لمـلـوكِ الأرضِ تجْهَـــدُ جَهْدَهَـــا ** فذا الملكُ ملكٌ لا يُباعُ ولا يُهْدَى
والإجتهاد في الطريق يكون بالصيام، والقيام، والعطش، والجوع، والسهر، والصّمت، والاعتزال.
قال سيدي أحمد بن سهل:
أعداؤك أربعة:
الدنيا وسلاحها الطمع، وسجنها العزلة،
والشيطان وسلاحه الشّبع وسجنه الجوع،
والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر،
والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت،
وأصل هذه الأربعة حب الدنيا، والثلاثة التي بعدها فروع، فعليك بطلاق الدنيا كما قال بعضُهم شعراً:
إنّ لله رجـــــالاً فُــطُـــنـــــا ** طلّقوا الدّنيا وخافـوا الفتنــا
نظروا فيها فلمّا علمـوا ** أنّها ليســـت لحــــيّ وطـنــــــا
جعلوها لُجّـةً واتخـــذوا ** صالح الأعمالِ فيها سُفُنـا
وقد أنشد بعضُهم
أكثر الكدّ والجدّ يا طالب العسَلْ ** لا تطــــردك عــــنــــه أكْــــلاتُ النّحـــلْ
بســــوء أدبـك لا تدخُــــلِ الوحَــــــلْ ** وكُن بين يديه كميت بين مَن غسَلْ
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
صم واخدم، وجد واجتهد في الطريق، وباطنك للحقيقة يكون مجالاً، ومن خارج خالط الأجانب، ومن داخل كن صاحياً غير غافل، فإنّي ما رأيت شيئاً يعذّبني الله به أشدّ من الغفلة، فإياك أن تغفل عمن يده بناصيتك، وتخشى من جبّار ناسياً لليد التي بناصيته، فإذا أردت خاطرك أن يطيب، فلا تغفل عن الرقيب، ومن رام ذلك بغير هذا فقد خاب سعيه، وضل مرماه، وليستعن على ذلك بأكل الحلال، فمن أكل الحلال شربت منه عروقه ونشطت للعبادة، ووجد لها حلاوة ولذة ومزيد إقبال، ومن أكل الحرام بعكس ذلك يُخاف عليه ألّا يقبل عمله. وقال سيدي الحبر ابن عباس – رضي الله عنه: (عمادُ الدّين طيبُ المطعم). فمن طاب كسبه زكا عمله، ومن لم يطبْ كسبه خيف عليه ألّا تُقبَل صلاته، وصيامه، وجميعُ عمله، لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾. وقد ورد: (إنّ من أكل الحلال أطاع الله كره أم أبي، ومن أكل الحرام عصى الله كره أم أبي). وقد ورد: (ومن أكل الحلالَ أربعين يوماً نوّر الله قلبه، وأجرى ينابيعَ الحكمة على لسانه).
ثم أُوصيك أيها المتوجّه بوصية لا يعقلها إلا من عقل وجرّب، ولا يهملها إلا من غفل وحُجِب، وإنّها من عاقات المريد المتوجّه إلى الله، وموجبة لانقلابه، وهي حبّ الدنيا، لأن أهل الله لا يتعلّقون بها إلا لثلاث إمّا لجوع كَلَب، أو عُرىٍ سَلَب، أو صاحب طَلَبْ، وما سوى ذلك لا يتعلّق بها إلا مغرور، فإنّ التعلّق بها ليس أضرّ منه على المريد في حال سيره، فلازِمٌ عليه اجتنابها وعدم الحب فيها، قال الله تبارك وتعالى: [مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت همّته الآخرة جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت همّته الدنيا فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له)
وفي حديث آخر أيضاً : (حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وتركها رأس كل حكمة )
وفي حديث آخرأيضاً: (الدنيا دارُ من لا دارَ له، ولها يجمع من لا عقل له).
وفي حديث آخر أيضاً: (إنّ لله تعالى ملائكةً ينادون كلّ يوم: يا بني آدم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تُدركون، فما أقسى قلبك يا ابن آدم؟ تجمع لنفسك الأوزار، ولغيرك الأموال، فهذه خصلة السفه).
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه: لا يقلّ العمل إلا طول الأمل،
وقد أنشد بعضُهم في ذم الدنيا شعراً فقال:
أرى طالبَ الدّنيا وإنِ طال عمرُه ** ونال من الدّنيا سُـرُوراً وأنعُـمَـــا
كبــــانٍ بنـــى بنـيـــانــَه فـأقـــامــَهُ ** فلمّا استـوى مـا قـد بناه تهدّما
وقال غيره
كفــاني من الدّنيا فراغٌ وهِـمــّةٌ ** ونعــمــةُ ربّــي بعد هــذيــن زائـــدُ
وقال غيره
يا خاطــبَ الدّنيـــا الدّنيــةِ إنّهــــا ** شـــركُ الرّدَى وقــَرارةُ الأكــــدارِ
دارٌ إذا ما أضحكت في يومها ** أبكــــت غــــداً تَبًّــا لهـا مـــن دارِ
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ما أشدّ على الفقير بلاء من حبّ الدنيا، ولا أشد عليه حكمة من تركها، فالإياس منها لازِمٌ عليه ما دام في حال التّرقّي،
قال صاحب الحكم:
(ما قلّ عملٌ بَرَزَ من قلبٍ زَاهد، ولا كثُر عملٌ بَرَزَ من قلبٍ رَاغِب)، فلا رغبةَ في فاني، ولا قُنْعَ في باقي،
وآكد ما يكون على الفقير المتوجه اجتناب الدَّين، فإنه يشين الدِّين كما روى في الحديث الشريف: (نفسُ المؤمن مرتهَنةٌ بدَينه حتى يُقْضَى عنه)، فمتى سأل الله حاجته يقول له لا أُجيبك حتى توفى حق عبدي، وهذه آفة عظيمة قد أكبّ الناس عليها اليوم، وحادوا بها عن طريق القوم،
وآكد من ذلك كلّه بيع الدّين بالدنيا، فمن تهيّأ للدنيا بالديّن فهو أشدّ الملاعين، ومن أحبّ الدنيا زاد بلاه، ومن تركها زال عنه شقاه، والسعيد من أطاع مولاه، والشّقيّ من باع دينه بدنياه، وقد أنشد بعضُهم فقال:
من باع دِيناً بدنيا فاستعزّ به ** كأنما باع فِردوساً بسجّيـنِ
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
سُئل بعضُ العارفين عن أعجب ما رأي في حجّه، قال رأيت شابّاً بمِنىً باع متاعاً له بنحو ثلاثين ألف درهم ما غفل عن ذكر الله طرفة عين، ورأيت شيخاً أخذ بحلقات الكعبة يطلب شيئاً من الدنيا، فحصلت لي غيرة شديدة حتى تقيّأت الدّم، فتعجّبت من هذه القضية، لأنّ مِنىً فيها ما تشتهي الأنفس، والشباب شُعبة من الجنّ، والدرهم يُمتّع صاحبه ما شاء، والشائب أدبر من الدنيا، والكعبة محلّ استجابة الدعاء، فما أغرب هذه القضية في الوجود؟ أعاذنا الله وإياكم من حبّ الدنيا، وجبلنا على بغضها- آمين .
ومن شروط المتوجّه إلى الله الفرح بالفقر، والحزن بالغني.
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
قَبْضُهم بَسْطُهم، وبَسْطُهم قَبْضُهم، إذا قُبِضوا بُسِطوا، وإذا بُسِطوا قُبِضوا،
قال صاحب الحكم: (وُرُودُ الفاقات أعيادُ المريدين).
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
يتلذّذون بالمكاره، كما يتلذذ العريس بعروسه مع الصحة والراحة، لأنهم راضون بما يقدره الله عليهم من الخير والشر، ولذا صارواْ مرضيّين عنده، إذ لا يكون العبد عند الله مرضيّاً حتى يرضى عن الله، كما حُكى عن بعض الصالحات: أنها عَثَرت فانقلع ظفرُها فضكحت، فقيل لها لماذا؟ قالت نوره أطفأ ناره، وثوابه أنساني ألمه.
ومن شروطه الصبر على الشدائد، والتثبت عند النوازل.
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من لم يتجرّع المرّ، لا يكون حرّ، ومن تجرّع المرّ، تأهّل وصار حرّ،
وقد أنشد في هذا المعنى:
تُجـرّعُهُم كأْساً لو ابْتُلِيت لَظَى ** بتجريعِهِ طارتْ كأسرعِ ذاهبِ
فافهم يا أخي هذا وتدبر، فإذا تدبرت علمت أن مسلكهم صعب لا يصل إليه إلّا من سلك طريقهم، وقد أنشدوا في هذا المعنى:
أيّها الخاطـب منّـا حُسنا ** مهـرُنـــا غـــالٍ لمـن يخطـِبُــنـــا
جسدٌ يَضـني وروح للفنـا ** وجفـونٌ لا تذوقُ الوَســــــَنـا
ومن شروطه الصّفح عن الزلّات، والتجاوز عن السيئات، والستر للعورات، وقد أنشدوا في هذا المعني شعراً:
إذا رُمــت أن تحيــــــا ودينُــــك ســـــالمٌ ** وحظّك موفــــورٌ وعرضُـــــك صيّـــنُ
لسانُك لا تذكــــرْ به عــــــورةَ امـــــرئٍ ** فكم لـك عـــــوراتٌ وللناس ألســــــُنُ
وعيـنــاك إن أبــــــدت إليـــــــك معايـبـــــاً ** فَغُضَّ وقُلْ يا عينُ للنـاس أعيُـنُ
وعاشِرْ بمعروفٍ وسامِحْ من اعتدى ** وفارقْ ولكــــن بالّتـــي هـي أحســَنُ
ومن شروطه ألّا يرى لنفسه حظّاً على غيره، لأنّ حظّها يهوى بها في أهوى المهاوي، وقال صاحب الحكم: (نائمٌ محتجِبْ، خيرٌ من قائمٍ معتجِبْ). ومن رأي أحداً أسوأ منه حالاً فهو المسئ حقاً.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من لنفسه هَنَفْ، وإلى الطاعات لها عَنَفْ، دخل في الكنف، ومن دخل الكنف، كلّ يوم يأتيه كلام مُؤتَنَفْ
وقال صاحب الحكم (ادْفِن وُجُودَك في أرضِ الخُمُول، فما نَبَتَ مِمّا لم يُدفَنْ لا يتمُّ نَتَاجُه).
ومن شروطه ألاّ يرمي نفسه إلى العجز والكسل، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المروى: (اغتنم خمساً قبل خمس:
حياتك قبل موتك،
وصحتك قبل سُقمك،
وفراغك قبل شغلك،
وشبابك قبل هرمك،
وغناك قبل فقرك).
ومن شروطه: أن يكون خادماً لجميع أقرانه، عملاً بقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي (خادمُ القومِ سيّدُهم).
وقد قالوا: من خدم خُدِم، ومن لم يخدم ندم.
وقالوا: لا تصلح الطريقة إلا لقوم سكنوا بأرواحهم المزابل.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ما نفع عبداً مثلُ الاضطرار، ولا قرّب إليه المواهبَ مثلُ الذلّ والانكسار، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي: (إن الله تعالى عند المنكسرةِ قُلوبُهم من أجله).
ومن شروطه أن يكره المدح ويفرح بالذم، ويكون آكد ما عنده إذا رأي نفسه في مواطن الذلّ والحقارة عند جميع الخلق، وأن يفرح بذلك ويرضى. وقال سيدي إبراهيم بن أدهم: من قذفك بقذفة فقد أهدى لك هدية.
ومن شروطه أن يُخفي مكانه، ويكتم شأنه، ويكون كائناً في العمل بآئناً منه.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
برهانُ العامل نُكرانُ عمله، وبرهانُ العالم نشرُ صحائفه، وبرهانُ الغَنِيّ سخاؤه، وبرهانُ السلطان عدله.
ومن شروطه أن يكون متّبعاً للأثر، مستمعاً للخبر، فمن آمن بالقدر، فليتبع الأثر.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
اتّبع لا تبتدع، واتضع لا ترتفع، وكن ورعاً لا تتسع، إن الله لا يحب التطاول والطول، إلا التواضع والذلّ والكرم المبذول، فمن تبع آثارهم، فلا بدّ أن يسمع أخبارهم، ومن سمع أخبارهم فلا بدّ له من تغطيته بوقارهم.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
كُن أخي متّبعاً ولا تكن مبتدعاً، وكن بهم متأسّياً حتى يهون لك المتقسي.
ومن شروطه ألاّ يتصدّر في المجالس، ولا يقدّم نفسه في المحافل، ولا تركن نفسُه للرئاسة، لأن النفس مجبولة على حب الرئاسة، ولذا قيل آخر ما يخرج من صدور الصّدّيقين حبّ الرئاسة، ولم تكمل الفراسة، لمن كان في قلبه مثقال ذرة من الرئاسة، ومن وضع يده على صدره، لُقّب بشيطانٍ قدره
وقال صاحب الحكم (النّاسُ يمدحونك لما يظنّونه فيك، فكن أنت ذامًّا لنفسك لما تعلمُه منها).
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
الإفلاس كلّ الإفلاس، أن تترك معرفة ما عندك لظنّ الناس، ومن سمع بآذانه، قلّ أن يسلم من شيطانه، ومن مُدِحَ والتفت ذُبح بسكين ميتة.
وقـال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
لا تتمّ لك المعرفة، حتى لا ترى لنفسك معرفة، ومن لم يشهد له قفاه كيف يُقال له كفاه؟ ومن أثبت لنفسه معرفةً فهو الجاهل، ومن أثبت لنفسه تواضعاً فهو المتكبّر حقاً، ومن تواضع لله رفعه، ومن تكبّر وضعه،
قال صاحب الحكم (معصيةٌ أورثت ذُلّاً وانكساراً، خيرٌ من طاعة أورثت عِزّاً واستكباراً).
ومن شروطه ألّا يُرخي لنفسه عِنانها بالرّخص، لأنّ طريقها الشدة ليس للرخاء فيها مدخل، فالرخص إنما هي للعامة، لأنهم قنعواْ بأن يُطلق عليهم اسم الإيمان خاصّة، مؤدّين لما فرض الله عليهم دون زيادة، فمن أراد الزّيادة على مرتبة العوام فلا بد أن يذوق الشدائد، ومن أراد أن يرى الدّر في نحره، فلا بدّ أن يُقاسي ظلمةَ بحره ، ومن طلب العُلا بغير كدٍّ ضيّع عمره في طلب المحال، لأنّ الغوّاصين في البحر لابدّ أن يمسكواْ أنفسهم عندما يغوصون،
وهذه طريقةٌ عظيمة تنفر النفوس منها في أول سماعها، فإذا دخلها المريد الصادق يستلذّ بها أكثر من لذته بالطاعة، لأنها طريق مجاهدة ومكابدة واختبار، فلا تُعطي إلا لمن استحقها، فلولا ذلك لم يحتج أحد إلى الاختبار فافهم.
ومن شروطه الإطّراحُ بين يدي مولاه، والتسليم لما يرضاه،
قال صاحب الحكم (أرح نفسَك من التّدبير، فما قَامَ به غيرُك عنك لا تقم به لنفسِك). أي اترك تدبيرك لتدبيره.
ومن شروطه التوكّل على الله تعالى، والرّضا بمقاديره، والاعتصام والرّجوع إليه في كافّة أموره.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
لا تجهل بوقائع الأكدار، فكلّ شيء له حدّ ومقدار،
وقال صاحب الحكم (ما من نَفَسٍ تُبديه، إلّا وله قَدَرٌ فيك يُمضيه).
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضى الله عنه:
إن كنت كلّ يوم تُكْرَم، فلا تنس الأمر المبرم.
وقال صاحب الحكم (لا تستغربْ وقوعَ الأكدار، ما دُمت في هذه الدّار).
ومن شروطه ألّا يلتفت إلى الفتوحات، ولا ينتظر الفيوضات.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ما ترك من الجهل شيئاً من أراد أن يُحدّث قبل أن يريد الله له، لأن (سوابقَ الهمم لا تخرِقُ أسوار الأقدار)
وقد أنشدوا في معنى ذلك شعراً:
العبدُ في ضجرٍ والرّب في قدرٍ ** والدّهرُ في دُوَل والرّزقُ مقسومُ
وقال (الشيخ محمد بدر) أيضاً : ما ترك شيئاً من الملامة، من أراد أن يظهر قبل الإستقامة،
وقال صاحب الحكم (لا يكن تأخُّر أمدِ العطاءِ مع الإلحاح في الدّعاء مُوجِباً ليأسك، فهو ضمن لك الإجابةَ فيما يختارُه لك، لا فيما تختارُه لنفسك، وفي الوقت الذي يُريد، لا في الوقت الذي تُريد).
وقال بعضُهم إذا صحبت شيخاً أو أخاً تعتقد صلاحه فانظر لما يحصُلُ لك لا لغيرك، ثم إن لم تُحصّل شيئاً فلا تُهمل المقام، ولازم التسليم والإستسلام، فلعلّ ما قُدّر لك موقوف على حالة أو زمن لم يحلّ إبّانه، وانظر إلى الفتح في نفسك، وطالبها بشيء من الأدب والاحترام، فبالحرمة ارتفعوا، وبالخدمة انتفعوا، ومن طالب الشيخ بحقه باء بخيبة منه،
وقال صاحب الحكم (متى طلبت عِوَضاً على عملٍ طُولبت بوجود الصّدق فيه). فـ(خيرُ ما تطلبُه منه ما هو طالبُه منك) فلا تُطالب رّبك في تأخير مطلبك، وطالب نفسك بسوء أدبك.
ومن شروطه ألاّ يقف على باب الأمراء، ولا يطلب شيئاً من الأغنياء.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
بئس الفقيرُ إن طلب الأمير، ونعم الأميرُ إن طلب الفقير، فالفقير إذا انخضع للغنيّ فاجعله هو والكلبُ سواء،
وقال صاحب الحكم (خَابَ من رَضِيَ بغيره بدلاً، وخسرت صفقةُ عبدٍ بَقِيَ عنه متحوّلاً).
وقال (الشيخ محمد بدر) :
قف بباب واحدٍ تُفتح لك الأبواب، واخضع لسيد واحد تخضع لك الرقاب.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من أراد أن يكون في بحر النور غائص، فليكن مما في أيدي الخلق آيس.
وقال صاحب الحكم (ما بسقَتْ أغصانُ ذُلٍّ إلا على بِذْر طَمَع). وقال صاحب الحكم - أيضاً (أنت حرٌّ ممّا أنت عنه آيس، وعبدٌ لِمَا أنت له طَامِع).
وقال آخر
العبـدُ حُـرٌّ ما قَنـِـعْ ** والحرُّ عبدٌ ما طَمِــعْ
وقـال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
عزيزُ النفس من كُتبت له القناعة، ولم يكشف لمخلوق قِناعه، وتأتيه القناعةُ من كلّ عزّ، ولكن العزّ كلّه في القناعة، فافهم ذلك.
والحمد لله رب العالمين.
الفصل التاسع
في بيان شروط المتوجّه إلى الله تعالى.
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه: من شروط المتوجّه إلى الله أن تجتمع فيه خمس خصال:
أن يكون أعمي، وأبكم، وأطرش، ومجذّماً، وضفدعاً،
فمعنى أبكم: لا يتكلّم بكلام الفضول، متباعداً عن كثرة القول، زاهداً الدينا،
ومعنى أطرش: لا يسمع لها لذّة،
ومعني مجذّم: معتزل عن الخلق،
ومعنى ضفدع: طاهر دائم الأبد،
فهذه صفة المتوجّه إلى الله تعالى. وقـال (الشيخ محمد بدر) أيضاً:
سبعة إذا انتسب الفقير المتوجّه إليها فاجعله هو والزِّبل سواء :
السكون إلى الجاه،
والطمع في الدنيا،
والخروج إلى السفر،
ومصاحبة الفساق،
ووضع الشيء في غير محله،
والارتكان إلى الظَّلَمة،
والبخل، لأن البخيل بعيد من الله، فمن كان بعيداً منه فكيف يطمع في الدخول في حضرته؟
واعلم أن منشأ البخل من خوف الفقر، فمتى عرضت له نفسه ذلك فليعرض لها قولَ الصادق المصدوقِ صلى الله عليه وسلم:
(ما زاد درهمُ مَن كَنَزَ، ولا نَقَصَ درهمُ مَن أنَفق).
ومن وشروطه ألا يُخيّب ظنّ منّ ظنّ به خيراً، فإنّي رضيت بالنّقص في فرضي، ولا رضيت به في عرضي، وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:
(من ظنّ فيكم خيراً فلا تخيّبوه).
وفراراً من قوله صلى الله عليه وسلم:
(من قطع رجاءَ من ارتجاه، قطع الله منه رجاءه يوم القيامة).
ومن شروطه أيضاً :
أن يكون الجوف خالياً من الطعام،
واللسان ثقيل في الكلام،
والعين جافيةُ للمنام،
والعقل مشاهد للسلام.
ومن شروطه أيضا :
صفاء الجوف،
والاستكانة بالخوف،
وأن تكون له ثلاث ساعات: ساعة في التعليم، وساعة في التهييم، وساعة بين يدي الله العلي العظيم.
ومن شروطه الإعراض عن كافة المخلوقات، والانقطاع إلى الله تعالى، عملأً بالحديث الشريف وهو:
(من أراد صاحبا ًفالله يكفيه، ومن أراد مؤنساً فالقرآن يكفيه، ومن أراد غنى فالقناعة تكفيه، ومن أراد واعظاً فالموت يكفيه، ومن لم يتعظ بهذا فالنار تكويه).
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ينبغي للمتوجه أن يُعرض إعراضاً تاماً عن كافة الشهوات، من مركوب، وملبوس، ومأكول، ومشروب، لأن من كمَّل شهوته في دنياه لم ينل مقصوده من مولاه، ومن لزم حاله بلغ مناله، فالنفس مائلة للشهوات، مجبولة على المخالفات، فمن أعرض عن الشهوات نال القربات، فطوبي لمن ترك شهوة حاضرة لميعاد غائب، فليتحرّ المريد أن يكون على خلاء من بطنه، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي:
(بحسَبِ ابنِ آدم لُقيماتٌ يُقمنَ صلبَه)،
واللُّقيمات من السبع إلى التسع، وإلّا فثلثٌ للطعام، وثلثٌ للشراب، وثلثٌ لنفَسِهِ، وفي حديث آخر: (المعدةُ بيتُ الداءِ، والحِمْيةُ أصْلُ الدّواء، وأصْلُ كلّ داءٍ البَرَدَة)، فمعني الحِمْية: امتناع النفس مما تشتهيه، ومعنى البردة: المطعم والمأكل، لأنه متى امتلأت المعدة عجزت الجوارح، ونامت الفِكَر، وكثر البخار في الدماغ، واستولت النفسُ النّوم، وتولّدت النجاسة، لأن الشبع يسدّ باب المكاشفات، والجوع يفتحه،
وأنتم يا علماء الظاهر تقولون القوة من الطعام، فلو كانت القوة من الطعام لما كان الملك جبريل قلع مدائن قوم لوط ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء أذان الدّيَكة، مع أنّه لا يأكل ولا يشرب،
فللجوع سحاب، فإذا جاع الباطن مُطر القلب بالأنوار والأسرار والمشاهدات القدسية، والفتوحات الربانية، وهذا لا يحصل إلّا لمن غلبت نُورانيته على جسمانيته، عدا أصحاب الأعمال الشاقة كالنّوتي والحصّاد وغير ذلك،
والمدار الأكبر على مخالفة النفس وجهادها لقوله عليه الصلاة والسلام لما رجع من بعض غزواته:
(رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر).
وهو جهاد النفس، فمن جاهدها وخالف هواها فقد أعطاها مناها، ومن تابعها في هواها تعضّل عليه داؤها وقلّ دواؤها، فترك هواها هو المرهم المجمع لدواها، فالكيّس من دانها وعمل لما وراها، والفاجر من اتبع هواها وحُجِب عما وراها، كما هو شأن أهل هذا الزمان الذين خالفوا طريق سلفهم.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
إن الطريقة في هذا الزمن صارت صعبة المرام، ومركبها قد غرقت، ومقاديفها قد تكسّرت، فلا تقع إلا بالكدّ والجدّ،
وقد أنشدوا في هذا المعنى:
ويا صاحبي قِفْ بي مع الحقّ وقفةً ** أموتُ بها وجْداً وأحيا بها وجْدَا
وقـل لمـلـوكِ الأرضِ تجْهَـــدُ جَهْدَهَـــا ** فذا الملكُ ملكٌ لا يُباعُ ولا يُهْدَى
والإجتهاد في الطريق يكون بالصيام، والقيام، والعطش، والجوع، والسهر، والصّمت، والاعتزال.
قال سيدي أحمد بن سهل:
أعداؤك أربعة:
الدنيا وسلاحها الطمع، وسجنها العزلة،
والشيطان وسلاحه الشّبع وسجنه الجوع،
والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر،
والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت،
وأصل هذه الأربعة حب الدنيا، والثلاثة التي بعدها فروع، فعليك بطلاق الدنيا كما قال بعضُهم شعراً:
إنّ لله رجـــــالاً فُــطُـــنـــــا ** طلّقوا الدّنيا وخافـوا الفتنــا
نظروا فيها فلمّا علمـوا ** أنّها ليســـت لحــــيّ وطـنــــــا
جعلوها لُجّـةً واتخـــذوا ** صالح الأعمالِ فيها سُفُنـا
وقد أنشد بعضُهم
أكثر الكدّ والجدّ يا طالب العسَلْ ** لا تطــــردك عــــنــــه أكْــــلاتُ النّحـــلْ
بســــوء أدبـك لا تدخُــــلِ الوحَــــــلْ ** وكُن بين يديه كميت بين مَن غسَلْ
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
صم واخدم، وجد واجتهد في الطريق، وباطنك للحقيقة يكون مجالاً، ومن خارج خالط الأجانب، ومن داخل كن صاحياً غير غافل، فإنّي ما رأيت شيئاً يعذّبني الله به أشدّ من الغفلة، فإياك أن تغفل عمن يده بناصيتك، وتخشى من جبّار ناسياً لليد التي بناصيته، فإذا أردت خاطرك أن يطيب، فلا تغفل عن الرقيب، ومن رام ذلك بغير هذا فقد خاب سعيه، وضل مرماه، وليستعن على ذلك بأكل الحلال، فمن أكل الحلال شربت منه عروقه ونشطت للعبادة، ووجد لها حلاوة ولذة ومزيد إقبال، ومن أكل الحرام بعكس ذلك يُخاف عليه ألّا يقبل عمله. وقال سيدي الحبر ابن عباس – رضي الله عنه: (عمادُ الدّين طيبُ المطعم). فمن طاب كسبه زكا عمله، ومن لم يطبْ كسبه خيف عليه ألّا تُقبَل صلاته، وصيامه، وجميعُ عمله، لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾. وقد ورد: (إنّ من أكل الحلال أطاع الله كره أم أبي، ومن أكل الحرام عصى الله كره أم أبي). وقد ورد: (ومن أكل الحلالَ أربعين يوماً نوّر الله قلبه، وأجرى ينابيعَ الحكمة على لسانه).
ثم أُوصيك أيها المتوجّه بوصية لا يعقلها إلا من عقل وجرّب، ولا يهملها إلا من غفل وحُجِب، وإنّها من عاقات المريد المتوجّه إلى الله، وموجبة لانقلابه، وهي حبّ الدنيا، لأن أهل الله لا يتعلّقون بها إلا لثلاث إمّا لجوع كَلَب، أو عُرىٍ سَلَب، أو صاحب طَلَبْ، وما سوى ذلك لا يتعلّق بها إلا مغرور، فإنّ التعلّق بها ليس أضرّ منه على المريد في حال سيره، فلازِمٌ عليه اجتنابها وعدم الحب فيها، قال الله تبارك وتعالى: [مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت همّته الآخرة جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت همّته الدنيا فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له)
وفي حديث آخر أيضاً : (حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وتركها رأس كل حكمة )
وفي حديث آخرأيضاً: (الدنيا دارُ من لا دارَ له، ولها يجمع من لا عقل له).
وفي حديث آخر أيضاً: (إنّ لله تعالى ملائكةً ينادون كلّ يوم: يا بني آدم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تُدركون، فما أقسى قلبك يا ابن آدم؟ تجمع لنفسك الأوزار، ولغيرك الأموال، فهذه خصلة السفه).
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه: لا يقلّ العمل إلا طول الأمل،
وقد أنشد بعضُهم في ذم الدنيا شعراً فقال:
أرى طالبَ الدّنيا وإنِ طال عمرُه ** ونال من الدّنيا سُـرُوراً وأنعُـمَـــا
كبــــانٍ بنـــى بنـيـــانــَه فـأقـــامــَهُ ** فلمّا استـوى مـا قـد بناه تهدّما
وقال غيره
كفــاني من الدّنيا فراغٌ وهِـمــّةٌ ** ونعــمــةُ ربّــي بعد هــذيــن زائـــدُ
وقال غيره
يا خاطــبَ الدّنيـــا الدّنيــةِ إنّهــــا ** شـــركُ الرّدَى وقــَرارةُ الأكــــدارِ
دارٌ إذا ما أضحكت في يومها ** أبكــــت غــــداً تَبًّــا لهـا مـــن دارِ
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ما أشدّ على الفقير بلاء من حبّ الدنيا، ولا أشد عليه حكمة من تركها، فالإياس منها لازِمٌ عليه ما دام في حال التّرقّي،
قال صاحب الحكم:
(ما قلّ عملٌ بَرَزَ من قلبٍ زَاهد، ولا كثُر عملٌ بَرَزَ من قلبٍ رَاغِب)، فلا رغبةَ في فاني، ولا قُنْعَ في باقي،
وآكد ما يكون على الفقير المتوجه اجتناب الدَّين، فإنه يشين الدِّين كما روى في الحديث الشريف: (نفسُ المؤمن مرتهَنةٌ بدَينه حتى يُقْضَى عنه)، فمتى سأل الله حاجته يقول له لا أُجيبك حتى توفى حق عبدي، وهذه آفة عظيمة قد أكبّ الناس عليها اليوم، وحادوا بها عن طريق القوم،
وآكد من ذلك كلّه بيع الدّين بالدنيا، فمن تهيّأ للدنيا بالديّن فهو أشدّ الملاعين، ومن أحبّ الدنيا زاد بلاه، ومن تركها زال عنه شقاه، والسعيد من أطاع مولاه، والشّقيّ من باع دينه بدنياه، وقد أنشد بعضُهم فقال:
من باع دِيناً بدنيا فاستعزّ به ** كأنما باع فِردوساً بسجّيـنِ
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
سُئل بعضُ العارفين عن أعجب ما رأي في حجّه، قال رأيت شابّاً بمِنىً باع متاعاً له بنحو ثلاثين ألف درهم ما غفل عن ذكر الله طرفة عين، ورأيت شيخاً أخذ بحلقات الكعبة يطلب شيئاً من الدنيا، فحصلت لي غيرة شديدة حتى تقيّأت الدّم، فتعجّبت من هذه القضية، لأنّ مِنىً فيها ما تشتهي الأنفس، والشباب شُعبة من الجنّ، والدرهم يُمتّع صاحبه ما شاء، والشائب أدبر من الدنيا، والكعبة محلّ استجابة الدعاء، فما أغرب هذه القضية في الوجود؟ أعاذنا الله وإياكم من حبّ الدنيا، وجبلنا على بغضها- آمين .
ومن شروط المتوجّه إلى الله الفرح بالفقر، والحزن بالغني.
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
قَبْضُهم بَسْطُهم، وبَسْطُهم قَبْضُهم، إذا قُبِضوا بُسِطوا، وإذا بُسِطوا قُبِضوا،
قال صاحب الحكم: (وُرُودُ الفاقات أعيادُ المريدين).
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
يتلذّذون بالمكاره، كما يتلذذ العريس بعروسه مع الصحة والراحة، لأنهم راضون بما يقدره الله عليهم من الخير والشر، ولذا صارواْ مرضيّين عنده، إذ لا يكون العبد عند الله مرضيّاً حتى يرضى عن الله، كما حُكى عن بعض الصالحات: أنها عَثَرت فانقلع ظفرُها فضكحت، فقيل لها لماذا؟ قالت نوره أطفأ ناره، وثوابه أنساني ألمه.
ومن شروطه الصبر على الشدائد، والتثبت عند النوازل.
قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من لم يتجرّع المرّ، لا يكون حرّ، ومن تجرّع المرّ، تأهّل وصار حرّ،
وقد أنشد في هذا المعنى:
تُجـرّعُهُم كأْساً لو ابْتُلِيت لَظَى ** بتجريعِهِ طارتْ كأسرعِ ذاهبِ
فافهم يا أخي هذا وتدبر، فإذا تدبرت علمت أن مسلكهم صعب لا يصل إليه إلّا من سلك طريقهم، وقد أنشدوا في هذا المعنى:
أيّها الخاطـب منّـا حُسنا ** مهـرُنـــا غـــالٍ لمـن يخطـِبُــنـــا
جسدٌ يَضـني وروح للفنـا ** وجفـونٌ لا تذوقُ الوَســــــَنـا
ومن شروطه الصّفح عن الزلّات، والتجاوز عن السيئات، والستر للعورات، وقد أنشدوا في هذا المعني شعراً:
إذا رُمــت أن تحيــــــا ودينُــــك ســـــالمٌ ** وحظّك موفــــورٌ وعرضُـــــك صيّـــنُ
لسانُك لا تذكــــرْ به عــــــورةَ امـــــرئٍ ** فكم لـك عـــــوراتٌ وللناس ألســــــُنُ
وعيـنــاك إن أبــــــدت إليـــــــك معايـبـــــاً ** فَغُضَّ وقُلْ يا عينُ للنـاس أعيُـنُ
وعاشِرْ بمعروفٍ وسامِحْ من اعتدى ** وفارقْ ولكــــن بالّتـــي هـي أحســَنُ
ومن شروطه ألّا يرى لنفسه حظّاً على غيره، لأنّ حظّها يهوى بها في أهوى المهاوي، وقال صاحب الحكم: (نائمٌ محتجِبْ، خيرٌ من قائمٍ معتجِبْ). ومن رأي أحداً أسوأ منه حالاً فهو المسئ حقاً.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من لنفسه هَنَفْ، وإلى الطاعات لها عَنَفْ، دخل في الكنف، ومن دخل الكنف، كلّ يوم يأتيه كلام مُؤتَنَفْ
وقال صاحب الحكم (ادْفِن وُجُودَك في أرضِ الخُمُول، فما نَبَتَ مِمّا لم يُدفَنْ لا يتمُّ نَتَاجُه).
ومن شروطه ألاّ يرمي نفسه إلى العجز والكسل، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المروى: (اغتنم خمساً قبل خمس:
حياتك قبل موتك،
وصحتك قبل سُقمك،
وفراغك قبل شغلك،
وشبابك قبل هرمك،
وغناك قبل فقرك).
ومن شروطه: أن يكون خادماً لجميع أقرانه، عملاً بقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي (خادمُ القومِ سيّدُهم).
وقد قالوا: من خدم خُدِم، ومن لم يخدم ندم.
وقالوا: لا تصلح الطريقة إلا لقوم سكنوا بأرواحهم المزابل.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ما نفع عبداً مثلُ الاضطرار، ولا قرّب إليه المواهبَ مثلُ الذلّ والانكسار، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي: (إن الله تعالى عند المنكسرةِ قُلوبُهم من أجله).
ومن شروطه أن يكره المدح ويفرح بالذم، ويكون آكد ما عنده إذا رأي نفسه في مواطن الذلّ والحقارة عند جميع الخلق، وأن يفرح بذلك ويرضى. وقال سيدي إبراهيم بن أدهم: من قذفك بقذفة فقد أهدى لك هدية.
ومن شروطه أن يُخفي مكانه، ويكتم شأنه، ويكون كائناً في العمل بآئناً منه.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
برهانُ العامل نُكرانُ عمله، وبرهانُ العالم نشرُ صحائفه، وبرهانُ الغَنِيّ سخاؤه، وبرهانُ السلطان عدله.
ومن شروطه أن يكون متّبعاً للأثر، مستمعاً للخبر، فمن آمن بالقدر، فليتبع الأثر.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
اتّبع لا تبتدع، واتضع لا ترتفع، وكن ورعاً لا تتسع، إن الله لا يحب التطاول والطول، إلا التواضع والذلّ والكرم المبذول، فمن تبع آثارهم، فلا بدّ أن يسمع أخبارهم، ومن سمع أخبارهم فلا بدّ له من تغطيته بوقارهم.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
كُن أخي متّبعاً ولا تكن مبتدعاً، وكن بهم متأسّياً حتى يهون لك المتقسي.
ومن شروطه ألاّ يتصدّر في المجالس، ولا يقدّم نفسه في المحافل، ولا تركن نفسُه للرئاسة، لأن النفس مجبولة على حب الرئاسة، ولذا قيل آخر ما يخرج من صدور الصّدّيقين حبّ الرئاسة، ولم تكمل الفراسة، لمن كان في قلبه مثقال ذرة من الرئاسة، ومن وضع يده على صدره، لُقّب بشيطانٍ قدره
وقال صاحب الحكم (النّاسُ يمدحونك لما يظنّونه فيك، فكن أنت ذامًّا لنفسك لما تعلمُه منها).
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
الإفلاس كلّ الإفلاس، أن تترك معرفة ما عندك لظنّ الناس، ومن سمع بآذانه، قلّ أن يسلم من شيطانه، ومن مُدِحَ والتفت ذُبح بسكين ميتة.
وقـال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
لا تتمّ لك المعرفة، حتى لا ترى لنفسك معرفة، ومن لم يشهد له قفاه كيف يُقال له كفاه؟ ومن أثبت لنفسه معرفةً فهو الجاهل، ومن أثبت لنفسه تواضعاً فهو المتكبّر حقاً، ومن تواضع لله رفعه، ومن تكبّر وضعه،
قال صاحب الحكم (معصيةٌ أورثت ذُلّاً وانكساراً، خيرٌ من طاعة أورثت عِزّاً واستكباراً).
ومن شروطه ألّا يُرخي لنفسه عِنانها بالرّخص، لأنّ طريقها الشدة ليس للرخاء فيها مدخل، فالرخص إنما هي للعامة، لأنهم قنعواْ بأن يُطلق عليهم اسم الإيمان خاصّة، مؤدّين لما فرض الله عليهم دون زيادة، فمن أراد الزّيادة على مرتبة العوام فلا بد أن يذوق الشدائد، ومن أراد أن يرى الدّر في نحره، فلا بدّ أن يُقاسي ظلمةَ بحره ، ومن طلب العُلا بغير كدٍّ ضيّع عمره في طلب المحال، لأنّ الغوّاصين في البحر لابدّ أن يمسكواْ أنفسهم عندما يغوصون،
وهذه طريقةٌ عظيمة تنفر النفوس منها في أول سماعها، فإذا دخلها المريد الصادق يستلذّ بها أكثر من لذته بالطاعة، لأنها طريق مجاهدة ومكابدة واختبار، فلا تُعطي إلا لمن استحقها، فلولا ذلك لم يحتج أحد إلى الاختبار فافهم.
ومن شروطه الإطّراحُ بين يدي مولاه، والتسليم لما يرضاه،
قال صاحب الحكم (أرح نفسَك من التّدبير، فما قَامَ به غيرُك عنك لا تقم به لنفسِك). أي اترك تدبيرك لتدبيره.
ومن شروطه التوكّل على الله تعالى، والرّضا بمقاديره، والاعتصام والرّجوع إليه في كافّة أموره.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
لا تجهل بوقائع الأكدار، فكلّ شيء له حدّ ومقدار،
وقال صاحب الحكم (ما من نَفَسٍ تُبديه، إلّا وله قَدَرٌ فيك يُمضيه).
وقــال (الشيخ محمد بدر) رضى الله عنه:
إن كنت كلّ يوم تُكْرَم، فلا تنس الأمر المبرم.
وقال صاحب الحكم (لا تستغربْ وقوعَ الأكدار، ما دُمت في هذه الدّار).
ومن شروطه ألّا يلتفت إلى الفتوحات، ولا ينتظر الفيوضات.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
ما ترك من الجهل شيئاً من أراد أن يُحدّث قبل أن يريد الله له، لأن (سوابقَ الهمم لا تخرِقُ أسوار الأقدار)
وقد أنشدوا في معنى ذلك شعراً:
العبدُ في ضجرٍ والرّب في قدرٍ ** والدّهرُ في دُوَل والرّزقُ مقسومُ
وقال (الشيخ محمد بدر) أيضاً : ما ترك شيئاً من الملامة، من أراد أن يظهر قبل الإستقامة،
وقال صاحب الحكم (لا يكن تأخُّر أمدِ العطاءِ مع الإلحاح في الدّعاء مُوجِباً ليأسك، فهو ضمن لك الإجابةَ فيما يختارُه لك، لا فيما تختارُه لنفسك، وفي الوقت الذي يُريد، لا في الوقت الذي تُريد).
وقال بعضُهم إذا صحبت شيخاً أو أخاً تعتقد صلاحه فانظر لما يحصُلُ لك لا لغيرك، ثم إن لم تُحصّل شيئاً فلا تُهمل المقام، ولازم التسليم والإستسلام، فلعلّ ما قُدّر لك موقوف على حالة أو زمن لم يحلّ إبّانه، وانظر إلى الفتح في نفسك، وطالبها بشيء من الأدب والاحترام، فبالحرمة ارتفعوا، وبالخدمة انتفعوا، ومن طالب الشيخ بحقه باء بخيبة منه،
وقال صاحب الحكم (متى طلبت عِوَضاً على عملٍ طُولبت بوجود الصّدق فيه). فـ(خيرُ ما تطلبُه منه ما هو طالبُه منك) فلا تُطالب رّبك في تأخير مطلبك، وطالب نفسك بسوء أدبك.
ومن شروطه ألاّ يقف على باب الأمراء، ولا يطلب شيئاً من الأغنياء.
قال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
بئس الفقيرُ إن طلب الأمير، ونعم الأميرُ إن طلب الفقير، فالفقير إذا انخضع للغنيّ فاجعله هو والكلبُ سواء،
وقال صاحب الحكم (خَابَ من رَضِيَ بغيره بدلاً، وخسرت صفقةُ عبدٍ بَقِيَ عنه متحوّلاً).
وقال (الشيخ محمد بدر) :
قف بباب واحدٍ تُفتح لك الأبواب، واخضع لسيد واحد تخضع لك الرقاب.
وقال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من أراد أن يكون في بحر النور غائص، فليكن مما في أيدي الخلق آيس.
وقال صاحب الحكم (ما بسقَتْ أغصانُ ذُلٍّ إلا على بِذْر طَمَع). وقال صاحب الحكم - أيضاً (أنت حرٌّ ممّا أنت عنه آيس، وعبدٌ لِمَا أنت له طَامِع).
وقال آخر
العبـدُ حُـرٌّ ما قَنـِـعْ ** والحرُّ عبدٌ ما طَمِــعْ
وقـال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
عزيزُ النفس من كُتبت له القناعة، ولم يكشف لمخلوق قِناعه، وتأتيه القناعةُ من كلّ عزّ، ولكن العزّ كلّه في القناعة، فافهم ذلك.
والحمد لله رب العالمين.
??????- زائر
مواضيع مماثلة
» لفصل الحادي عشر: في بيان شروط الذكر وآدابه
» الفصل الثاني عشر: في بيان مقاصد الأذكار
» بيان المجلس الأعلى للتصوف بالسودان حول أحداث المولد
» نشأته وحجه إلى بيت الله الحرام وتملكه أمانة القوم رضي الله عنهم:
» نشيدة لا اله الا الله محمد رسول الله، للشيخ برير
» الفصل الثاني عشر: في بيان مقاصد الأذكار
» بيان المجلس الأعلى للتصوف بالسودان حول أحداث المولد
» نشأته وحجه إلى بيت الله الحرام وتملكه أمانة القوم رضي الله عنهم:
» نشيدة لا اله الا الله محمد رسول الله، للشيخ برير
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان :: منتدى الثقافة الاسلامية :: منتدى الكتب والبحوث والدراسات :: منتدى كتاب سراج السالكين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 1:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» أبكار أبونا الشيخ ابراهيم الكباشي
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:41 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ محمد ود البخاري ساكن المدينة المنورة
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:23 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» سيرة سيدنا ومولانا الأستاذ الشيخ إدريس أب فركة
السبت مايو 07, 2016 10:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الحسين ولد صباحي المحسي ؛ راجل (شبونة الشيخ الحسين)
السبت مايو 07, 2016 10:50 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الطيب الحاج الصديق ود بدر (ود السائح)
الإثنين أكتوبر 26, 2015 12:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» الجيلي يا الجيلي الآن بدرنا الساكن أم ضبان
الإثنين أكتوبر 26, 2015 11:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» لله أقـــــوام نعيمهم القرب
الإثنين أكتوبر 26, 2015 10:14 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» دلائل الخيرات في الصلوات على سيد السادات
الإثنين أكتوبر 26, 2015 9:24 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ