بحـث
المواضيع الأخيرة
في معرفة الصـــوفـي
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان :: منتدى الثقافة الاسلامية :: منتدى الكتب والبحوث والدراسات :: منتدى كتاب سراج السالكين
صفحة 1 من اصل 1
في معرفة الصـــوفـي
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثالث
في معرفة الصـــوفـي
ولما أنهى الكلام (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه، في معرفة الشيخ الكامل شرع يتكلّم في معرفة الصوفيّ وحقيقته، فقال:
الصوفيّ بالألف واللّام يُعرف من تعريف الشيخ كما تقدم،
وبالصّاد: صفاؤه مع الله تعالى، وبالواو موالاته للقيام بأمر الله تعالى، وبالفاء توفيته لحقوق الله تعالى،
وإنما سميت الصوفية صوفية لصفائهم مع الله، وليسوا قبيلة صنعتهم الصوف، بل حقيقة الصوفيّ ألاّ يكتب عليه ملك الشمال خطيئة نحو عشرين سنة،
فقلت له : يا سيدي هل هم معصومون؟
فقال رضي الله عنه:
لا بل هم محفوظون، إذ ليس الشأن ألاّ يطرأ عليك ذنب، إنما الشأن ألاّ تصرّ على ذنب، لأن ذا العناية حفظ الحق يحميه، ويد الله على أفواه الحكماء، لا يتكلّمون إلّا بما هيّأ الله لهم من الحق.
قال صاحب الحكم رضي الله عنه:
(كلّ كلامٍ يبرُزُ وعليه كسوةُ القلبِ الذي منه بَرَزَ).
وقــال رضي الله عنه:
إذا ألهم الله عبدا الصواب، جعل كلامه كالمفتاح للباب، وما عليت الأسهام، ولا كبر المقام، إلا بمعرفة الإلهام.
وقــال رضي الله عنه:
من شروط الصوفيّ: أن يعرف الحق ويتبعه، ويعرف الباطل ويجتنبه، وأن ينصف من نفسه ولا ينتصف من غيره، وأن يفتح باب الفقر ويسدّ باب الغنى، وأن يفتح باب الذلّ ويسدّ باب العزّ، وأن يفتح باب التعب ويسدّ باب الراحة، وأن يفتح باب الجوع ويسدّ باب الشبع، وأن يفتح باب السهر ويسدّ باب النوم. ومن شروطه: أن يُعطي ما في الجيب، ويرجو ما في الغيب، فأقبح كلّ قبيح صوفيّ شحيح،
وقد أنشد بعضُهم:
إنّ التّصوفَ علـمٌ ليس يُدركُــهُ ** إلّا ذكيُّ الحِجَا بالجود موصُـوفُ
يرضى القليل من الدنيـا ويبذله ** عند الوجود بتقوى الله معروفُ
ومن شروطه: أن يُنكر عليه العالِمُ ويرضى بذلك، لأن من حرّكه الإنكار فليس من الأحرار، فإن لم يكن كذلك، فليس لنفسه مالك، ولا ناجٍ من المهالك. ومن شروطه: أن يكون هشّاش بشّاش، ولعيوب النّاس غير فتّاش.
وقال رضي الله عنه:
شغلتهم عيوبُهم عن عيوب غيرهم، وشغلتهم حظوظُ ربهم عن حظوظ أنفسهم، ومن لم توجد فيه هذه الصفة فليس بصوفي. ومن شروطه: أن يكون ظاهره للشريعة، وباطنه للحقيقة، وأعضاؤه للطريقة، لأن من حسّن الظاهر وخالفه الباطن فهو على شفا حفرة، ومن حسّن الظاهر وتابعه الباطن فهو التاجر. ومن شروطه: أن يكون ظاهره موافقاً للشريعة، وباطنه مجالاً للحقيقة، لأن الشريعة بلا حقيقة عاطلة، والحقيقة بلا شريعة باطلة، ومتى تعدّت الحقيقة طور الشريعة فتحقيقه معلول، ومشربه مشوب، إنما العدل في لزوم الاعتدال بين مقتضيات الحقيقة والشريعة، إذ لا تكون لأحد الغنيمةُ إلّا بتتبع الشريعة المستقيمة، ومن لازم السنة جاء إلى الله يوم القيامة بأقوى الجُنّة. فالشريعة والحقيقة منهلٌ واحد، والفرق بينهما زندقة، فمن تحقق ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتحقق فقد تفسق، ومن أتقن فنّا في المعرفة ولم يُدرك به كامل الفنون فليس في قلبه نور، فإن كنت بجميع ما في الأرض مخصوص، فظاهرك لا يخالف النصوص، لأن من استكمل النصوص لا يُنكر الخصوص، ومن اكتفى بما في السطور، وأنكر ما استودع في الصدور، خَفِيَ عليه كمالُ الأمور، ومن تتبع المرسوم، وأنكر المبروم، ليس له قائمة تقوم، فلا ظاهر استوى إلا وهو محكوم بالباطن، ولا باطن استوى إلا وظاهره محكوم بالشريعة،
وهذه الأحوال التي قدمناها، والشروط التي قلناها، لا تحصل إلا لمن أمده الله بجند من نور.
قال صاحب الحكم: (النّور جندُ القلب، كما أن الظّلمة جند النّفس)،
فإذا غلب جنده جندها قادت إلى الطاعة، وإذا غلب جندها جنده بادرت إلى المعصية، فإذا رأيت الإنسان مرة في الطاعة، ومرة في المعصية، فاعلم أن الجندين مفتتنان، فالله يتولّانا من الفتن، ويحفظنا من المحن، فافهم ذلك وتدبّر، فكل من تدبّر تخبّر، ومن تخبّر نجي من فتنة المشبر. والحمد لله رب العالمين.
يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t132-topic
الفصل الثالث
في معرفة الصـــوفـي
ولما أنهى الكلام (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه، في معرفة الشيخ الكامل شرع يتكلّم في معرفة الصوفيّ وحقيقته، فقال:
الصوفيّ بالألف واللّام يُعرف من تعريف الشيخ كما تقدم،
وبالصّاد: صفاؤه مع الله تعالى، وبالواو موالاته للقيام بأمر الله تعالى، وبالفاء توفيته لحقوق الله تعالى،
وإنما سميت الصوفية صوفية لصفائهم مع الله، وليسوا قبيلة صنعتهم الصوف، بل حقيقة الصوفيّ ألاّ يكتب عليه ملك الشمال خطيئة نحو عشرين سنة،
فقلت له : يا سيدي هل هم معصومون؟
فقال رضي الله عنه:
لا بل هم محفوظون، إذ ليس الشأن ألاّ يطرأ عليك ذنب، إنما الشأن ألاّ تصرّ على ذنب، لأن ذا العناية حفظ الحق يحميه، ويد الله على أفواه الحكماء، لا يتكلّمون إلّا بما هيّأ الله لهم من الحق.
قال صاحب الحكم رضي الله عنه:
(كلّ كلامٍ يبرُزُ وعليه كسوةُ القلبِ الذي منه بَرَزَ).
وقــال رضي الله عنه:
إذا ألهم الله عبدا الصواب، جعل كلامه كالمفتاح للباب، وما عليت الأسهام، ولا كبر المقام، إلا بمعرفة الإلهام.
وقــال رضي الله عنه:
من شروط الصوفيّ: أن يعرف الحق ويتبعه، ويعرف الباطل ويجتنبه، وأن ينصف من نفسه ولا ينتصف من غيره، وأن يفتح باب الفقر ويسدّ باب الغنى، وأن يفتح باب الذلّ ويسدّ باب العزّ، وأن يفتح باب التعب ويسدّ باب الراحة، وأن يفتح باب الجوع ويسدّ باب الشبع، وأن يفتح باب السهر ويسدّ باب النوم. ومن شروطه: أن يُعطي ما في الجيب، ويرجو ما في الغيب، فأقبح كلّ قبيح صوفيّ شحيح،
وقد أنشد بعضُهم:
إنّ التّصوفَ علـمٌ ليس يُدركُــهُ ** إلّا ذكيُّ الحِجَا بالجود موصُـوفُ
يرضى القليل من الدنيـا ويبذله ** عند الوجود بتقوى الله معروفُ
ومن شروطه: أن يُنكر عليه العالِمُ ويرضى بذلك، لأن من حرّكه الإنكار فليس من الأحرار، فإن لم يكن كذلك، فليس لنفسه مالك، ولا ناجٍ من المهالك. ومن شروطه: أن يكون هشّاش بشّاش، ولعيوب النّاس غير فتّاش.
وقال رضي الله عنه:
شغلتهم عيوبُهم عن عيوب غيرهم، وشغلتهم حظوظُ ربهم عن حظوظ أنفسهم، ومن لم توجد فيه هذه الصفة فليس بصوفي. ومن شروطه: أن يكون ظاهره للشريعة، وباطنه للحقيقة، وأعضاؤه للطريقة، لأن من حسّن الظاهر وخالفه الباطن فهو على شفا حفرة، ومن حسّن الظاهر وتابعه الباطن فهو التاجر. ومن شروطه: أن يكون ظاهره موافقاً للشريعة، وباطنه مجالاً للحقيقة، لأن الشريعة بلا حقيقة عاطلة، والحقيقة بلا شريعة باطلة، ومتى تعدّت الحقيقة طور الشريعة فتحقيقه معلول، ومشربه مشوب، إنما العدل في لزوم الاعتدال بين مقتضيات الحقيقة والشريعة، إذ لا تكون لأحد الغنيمةُ إلّا بتتبع الشريعة المستقيمة، ومن لازم السنة جاء إلى الله يوم القيامة بأقوى الجُنّة. فالشريعة والحقيقة منهلٌ واحد، والفرق بينهما زندقة، فمن تحقق ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتحقق فقد تفسق، ومن أتقن فنّا في المعرفة ولم يُدرك به كامل الفنون فليس في قلبه نور، فإن كنت بجميع ما في الأرض مخصوص، فظاهرك لا يخالف النصوص، لأن من استكمل النصوص لا يُنكر الخصوص، ومن اكتفى بما في السطور، وأنكر ما استودع في الصدور، خَفِيَ عليه كمالُ الأمور، ومن تتبع المرسوم، وأنكر المبروم، ليس له قائمة تقوم، فلا ظاهر استوى إلا وهو محكوم بالباطن، ولا باطن استوى إلا وظاهره محكوم بالشريعة،
وهذه الأحوال التي قدمناها، والشروط التي قلناها، لا تحصل إلا لمن أمده الله بجند من نور.
قال صاحب الحكم: (النّور جندُ القلب، كما أن الظّلمة جند النّفس)،
فإذا غلب جنده جندها قادت إلى الطاعة، وإذا غلب جندها جنده بادرت إلى المعصية، فإذا رأيت الإنسان مرة في الطاعة، ومرة في المعصية، فاعلم أن الجندين مفتتنان، فالله يتولّانا من الفتن، ويحفظنا من المحن، فافهم ذلك وتدبّر، فكل من تدبّر تخبّر، ومن تخبّر نجي من فتنة المشبر. والحمد لله رب العالمين.
يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t132-topic
مواضيع مماثلة
» كتاب سراج السالكين
» معرفة الولي العارف وحقيقته
» في معرفة الشيخ الواصل وحقيقته.
» في معرفة التلميذ الصادق والتلميذ الكاذب
» معرفة الولي العارف وحقيقته
» في معرفة الشيخ الواصل وحقيقته.
» في معرفة التلميذ الصادق والتلميذ الكاذب
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان :: منتدى الثقافة الاسلامية :: منتدى الكتب والبحوث والدراسات :: منتدى كتاب سراج السالكين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 1:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» أبكار أبونا الشيخ ابراهيم الكباشي
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:41 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ محمد ود البخاري ساكن المدينة المنورة
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:23 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» سيرة سيدنا ومولانا الأستاذ الشيخ إدريس أب فركة
السبت مايو 07, 2016 10:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الحسين ولد صباحي المحسي ؛ راجل (شبونة الشيخ الحسين)
السبت مايو 07, 2016 10:50 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الطيب الحاج الصديق ود بدر (ود السائح)
الإثنين أكتوبر 26, 2015 12:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» الجيلي يا الجيلي الآن بدرنا الساكن أم ضبان
الإثنين أكتوبر 26, 2015 11:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» لله أقـــــوام نعيمهم القرب
الإثنين أكتوبر 26, 2015 10:14 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» دلائل الخيرات في الصلوات على سيد السادات
الإثنين أكتوبر 26, 2015 9:24 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ