كتاب مرشد المبتدئين : فصل الصوم

فصل الصوم وزكاة الفطر:

الصوم فى عرف الشرع هو الامساك عن شهوتي البطن والفرج يوما كاملا من طلوع الفجر الى غروب الشمس بنية التقرب الى الله تعالى

وله شروط وجوب وصحة معا وشروط وجوب فقط وشروط صحة فقط

فالأول الاسلام والعقل والنقاء من دم الحيض والنفاس ودخول شهر رمضان بثبوت رؤية الهلال

وذلك باحدى امور ثلاثة :

اما برؤية الهلال للجماعة المستفيضة
أو برؤية شاهدي عدل
او باكمال شعبان ثلاثين يوما

وكذلك الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم –
صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فاكملوا العدة ثلاثين يوما

والشروط الثانية هي :

البلوغ والصحة والاقامة

والثالثة النية ليلا بعد ثبوت الهلال وقبل طلوع الفجر والكف عن الأكل والشرب والجماع ومقدماته والكف عن خروج القئ وعدم وصول شئ للمعدة بدون الفم،

وأما سننه فهى صون الجوارح جمعيها من المعاصي وتعجيل الفطر وتأخير السحور وصلاة التراويح وزكاة الفطر وتعجيل القضاء اذا افطر منه شيئا وتتابعه والامساك لتحقيق الرؤية

ومستحباته هى تجديد النية كل ليلة وكثر الصدقات وكثرة الذكر

ويجوز للصائم السواك باليابس طول نهاره
وتجوز المضمضة للعطش ولكن لا يبلع ريقه حتى يزول طعم الماء من فمه فان غلبه شئ منه لحلقه فعليه القضاء وان تعمده فعليه القضاء والكفارة

ويجوز للصائم الاصباح بالجنابة

ويجوز للحامل الفطر ان خافت على نفسها أو على ما فى بطنها وتقضي بدون اطعام

والمرضعة ان خافت على ولدها ولم تجد من تستأجره له أو لم تجد شئ للاجرة أو لم يقبل غيرها تفطر وتقضي فيما بعد وتطعم على المعتمد

والشيخ الهرم الذى لا يستطيع الصوم من الكبر يجوز له الفطر ولا يقضي ويطعم استحبابا ومثله المريض الذي لا يزول مرضه ومن به عطش لا يزول

ومن فرط فى قضاء رمضان حتى دخل رمضان الثاني يقضي ويطعم وجوبا

والاطعام المذكور فى هذا كله هو مد لكل مسكين بمد النبي صلى الله عيه وسلم وهو رطل وثلث بالبغدادي وهو ملء اليدين المتوستطين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين

ويخرج ذلك المد عن كل يوم يقضيه مع القضاء أو بعده

ولا يجزئ امدادا لمسكين واحد

والمريض يفطر ويقضي بلا كفارة

وكذلك من أفطر ناسيا فى رمضان فعليه القضاء فقط

ويجوز للمسافر مسافة القصر الفطر بشرط وهو ألا يكون سفره فى معصية ويقضى بلا كفارة وان صام فهو خير له

ولا يفطر من احتلم ولا من احتجم ولا من غلبه قئ ولم يرجع منه شئ لحلقه بعد وصوله للفم فان رجع منه شئ فعليه القضاء فقط وان تعمد خروج القئ ولم يرجع منه شئ فعليه القضاء فقط وان رجع منه شئ فالقضاء والكفارة

وما وصل للحلق بدون الفم ففيه القضاء

وما وصل للمعدة بدون الفم ففيه القضاء أيضا

ومن أكل شاكا فى الفجر فعليه القضاء ولا قضاء فى غالب ذباب أو بعوض ولا غبار طريق ولا غبار صنعة لصانعها وأما غير الصانع فعليه القضاء

والحائض والنفساء والمجنون والمغمى عليه عليهم القضاء

ويكره ذوق الملح ومقدمات الجماع ان علمت السلامة بعدم الانزال وان لم تعلم السلامة فحرام فان أمذى فى هذا فعليه القضاء وان أمنى فعليه القضاء والكفارة

وتكره المبالغة فى المضمضة والاستنشاق وذوق الطعام حال النضج

ويكرة فعل الكحل والدهن وشبههما ان علمت السلامة منه بأن لا يصل منه شئ الى الحلق وان وصل ففيه القضاء

وتكره الحجامة للمريض الصائم ان علمت السلامة من الغمرة وان علم عدمها فحرام

وكل صوم يجب تتابعه ولا يجوز تفريقه والنية الواحدة كافية فيه واذا انقطع بمرض أو حيض يلزم تجديد النية

ومن فعل فى نهارمضان شيئا من الأكل أو الشرب أو الجماع متعمدا بطل صومه فان كان فعله هذا من غير تأويل قريب ولا جهل فعليه القضاء والكفارة ويؤدب بما يراه الحاكم من ضرب أو سجن أو بهما معا

والتأويل القريب هو أن يفطر الانسان ناسيا فيظن اباحة الفطر باقي اليوم أو يغتسل من الجنابة الا بعد الفجر فيظن الجنابة تبطل الصوم أو تسحر مع الفجر فظن اباحة فطره أو حضر من السفر ليلا فظن اباحة الفطر صبيحة حضوره من السفر وهكذا لأن المذكورين كلهم ليس عندهم سوء نية ولا يقصدون انتهاك حرمة الشهر ولا يتلاعبون

والتأويل البعيد هو أن يرى الانسان الشهر وحده دون الناس فيظن اباحة الفطر ومن عادته الحمى فى يوم معلوم فأصبح مفطرا فى يومها قبل مجيئها فتأويله بعيد ان أتته أم لا ومن عادتها الحيض مثل ذلك ومن حجم أو احتجم فأفطر متأولا فهذا كله بعيد يلزم صاحبه القضاء مع الكفارة

والكفارة فى ذلك ثلاثة أوجه :

اما اطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم
أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب
أو صيام شهرين متتابعين

فلو أفطر بغير عذر فى اثنائهما بطل ما صامه منهما ويبتدؤهما من الأول

والاطعام أفضل من الاثنين وعلى قول العتق أفضل والمكفر مخير بين الثلاثة أيهما فعله أجزأه

وتتعدد الكفارة بتعدد الأيام

ويستحب صوم يوم عرفة من شهر ذى الحجة وهو تاسعها لما ورد أنه يكفر ذنوب السنة الماضية والمستقبلة ويكره صيامه للحاج بمنى ويستحب صيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وصوم يوم عاشوراء لما ورد أنه يكفر ذنوب السنة الماضية وصوم سبعة أيام من السنة كلها وهى ثالث محرم ويوم عاشوراء ويوم سبعة وعشرين من رجب ويوم النصف من شعبان ويوم خمسة وعشرين من ذي القعدة وثامن وتاسع ذو الحجة،

وقيام رمضان مستحب مرغب فيه لما ورد :

من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه

ولا يجوز أي يحرم صيام يوم الفطر ويوم النحر

ولا يجوز صيام اليومين الذين بعده الا للمتمتع الذي لا يجد هديا

واليوم الرابع من النحر لا يصومه متطوعا

وعن عائشة رضى الله عنها ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فى رمضان ولا غيره على اثنتى عشرة ركعة بعدها الوتر وفى الصوم ما هو حرام وهو صيام الفطر ويوم النحر والحائض والنفساء ومن خاف على نفسه الهلاك ويكره الصوم يوم مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

** زكاة الفطر:

زكاة الفطر سنة واجبة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السنة الثانية من الهجرة

وتجب فى آخر يوم من شهر رمضان بغروب الشمس

ويستحب اخراجها بعد الفجر من يوم العيد وهي صاع أو جزؤه لمن لا يجد الصاع كله أو فى حق العبد المشترك

ويخرج الصاع عن كل نفس صغيرة أو كبيرة ذكر أو أنثى

والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي

فالربع المصرى يجزئ عن ثلاثة أنفار

ويخرجها الرجل أو المرأة عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته بقرابة أو زوجية أو ملك يمين

ويدخل فى ملك اليمين المكاتب والمدبر وخادم أبيه وأمه الفقيرين وزوجة أبيه وخادمها وابنه الذكر الى البلوغ الا أن يكون زمناً فيخرج عنه ولو بلغ والانثى لدخول الزوج عليها أو طلبه للدخول ان لم يكن لها أو للابن مال

وتؤدى من جل قوت البلد
ويجوز اخراجها قبل العيد بيوم أو بيومين
ويجوز دفع صاع واحد لمساكين واصواع متعددة لمسكين واحد

ولا تسقط بمضى زمنها بل تكون دين عليه يخرجها لماضى السنين عنه وعن من تلزمه نفقته كما مضى الا أن يكون ساعة وجوبها معسرا فانها تسقط عنه

وشرطها أن يكون عنده صاع أو جزؤه بعد قوت يومه على حسب مرتبه منفردا أو بعياله كثر أو قل فانه يخرجها ويدفعها للحر المسلم الفقير

ولا يلزمه عموم الأصناف الثمانية كالزكاة

ويستلف لها ان رجا الوفاء ووجد من سلَّفه والله أعلم

(فائدة) قال الشيخ على الأجهوري وزكاة العافية المشي فى الطاعات وقال من زار وليا فان التراب الذى يضع قدمه عليه ينقل الى بلاد الكفار فكل كافر يمشي عليه فان الله تعالى يهديه للاسلام، فهذه فائدة حسنة انتهى عن الصفتى والله أعلم.

نقلا عن كتاب مرشد المبتدئين لمؤلفه الخليفة أحمد بن الشيخ النظيف

فصل الاعتكاف:

الاعتكاف من نوافل الخير المستحبة وهو سنة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم له ولكن لم يداوم عليه

وهو المكث للشخص فى المسجد للعبادة على وجه مخصوص بصيام وصلاة وذكر وقراءة قرآن كافا عن الجماع ومقدماته ليلا ونهارا للتقرب الى الله تعالى

وله شروط صحة لا يصح بغيرها وهى النية والاسلام والتمييز والصوم ولو فى رمضان والمسجد والتتابع الا أن ينذره متفرقا فيجزيه

فان نوى أياما تدركه فيها الجمعة تعين الجامع الذى تقام فيه الجمعة لمن تلزمه الجمعة وإلا ففي اي مسجد كان

ومن نذر اعتكاف يوم لزمه بليله

وان نذر ليلة لزمه يوم وليلة

وان نذر يوما لزمه الليل قطعا

هذا أقله وقيل ثلاثة أيام والمعتمد أقله عشرة أيام وأكثره لا حد له والمعتمد شهرا

وابتداؤه يكون بالليل أو قبل غروب الشمس وقبل الفجر

ويبطل بما يبطل به الصوم من أكل وشرب وحيض ونفاس نهارا وكذا ان سكر أو جامع أو عمل مقدمات الجماع ليلا أو نهارا بطل اعتكافه وانقطع تتابعه ولزمه أن يبتدئه ناسيا كان أو عامدا

ومن داوم النظر لامرأة حتى أمذى بطل اعتكافه كما في الخرشي وان تعمد الأكل والشرب لعذر أو ناسيا لا يلزمه ابتداء الاعتكاف بل يقضيه متصلا ويبني مع القضاء

ولا يخرج من معتكفه الا لحاجة الانسان من أكل وشرب وبول وغائط ومثله الحائض والنفساء ولا يقف مع أى انسان يحدثه ولا يمكث بعد قضاء حاجته بل يرجع لمعتكفه حالا فان خالف شيئا من ذلك بطل اعتكافه ويبتدئه

ويكره دخوله بدون أن يجمع ما يكفيه من أكل وشرب ونحوهما
ويكره له التعليم الا ان يتعين عليه لعدم معلم غيره
وتكره له الكتابة فى مصحف أو غيره
ولا بأس أن يتطيب الرجل وفى المرأة قولان
وان مرض المعتكف أو مرضت المعتكفة أو حاضت أو نفست خرجا من المعتكف الى أن ينتهي عذرهما فيرجعا له حالا ويبنيا على ما تقدم ولا يفعلا فى خروجهما شيئا من موانع الاعتكاف غير الفطر من الصوم

وان تأخرا عن الرجوع بعد نهاية العذر بطل الاعتكاف ووجب الابتداء من الأول

ولا يعتد فى البداية باليوم الذى يرجع فيه نظرا للصوم الا ان يكون رجع قبل الفجر ويخرج بعد غروب الشمس من اليوم الأخير فى أيامه التى نواها

ويصح من الصبي والمرأة والرقيق مع اذن الزوج والسيد ويلزم القضاء فى الاعتكاف المنذور فى المرض والحيض والنفاس ونحوه ولا يلزم فى التطوع ويقضى فى حالة النسيان فى الوجهين والله أعلم.

نقلا عن كتاب مرشد المبتدئين لمؤلفه الخليفة أحمد بن الشيخ النظيف

كتاب مرشد المبتدئين : فصل الصوم

كتاب مرشد المبتدئين : فصل الصوم

رد: كتاب مرشد المبتدئين : فصل الصوم