بحـث
المواضيع الأخيرة
تعريف بمسيد الشيخ ود بدر
صفحة 1 من اصل 1
تعريف بمسيد الشيخ ود بدر
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف بمسيــد الشيخ ود بدر (السودان/أمضبان)
يعتبر التصوف في السودان مدخلاً أساسياً من مداخل دراسة تاريخ السودان الحديث، حيث أدارت الطرق الصوفية حياة أهل السودان على كافة المناحي السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية،
وكان المسيد بمؤسساته المختلفة هو القاعدة التي تنطلق منها هذه الفعاليات لترفد أهل السودان بمفرداتها التي تحقق لهم الاستقرار والأمن والطمأنينة تحت مظلة الدين الاسلامي الحنيف.
ولفظة المسيد مصطلح جامع لذلك المكان الذي يجمع مدرسة القرآن (القرآنية) ، ومسكن الطلاب(الخلاوي والتكية)، ودار الضيافة والمصلى (المسجد)،
وهذه المفردات الأربعة هي التي تكتنف هذا المصطلح (المسيد) ومن هنا يتبين لنا أن بكل مسيد مسجد وليس بكل مسجد مسيد.
وهذا المصطلح جاء تطوره الدلالي من لغة شائعة في لهجات العرب، وفي أبدال الجيم ياء، مثل قولهم :
(يَمَلُ) لغة في جمل،
و( شَيَرُ) لغة في شجر.
وذكر السيوطي في كتابه المزهر قول الشاعر:
إذا لم يكُنُ فيكُنَّ ظِّلُ ولا جنى فأبعدكنَّ اللهُ من شَيرًاتِ
وأهل وسط السودان يقولون :
(التاي) لغة في التاج
و(الهوى) لغة في الهوج
والمسيد بهذا المصطلح معروف بالمغرب العربي الذي يشمل " التكية والقرآنية والمصلى" .
أما المسيد في السودان فكان أول ظهوره في دولة السلطنة الزرقاء في القرن التاسع الهجري
ويعتبر مسيد ودعيسى الذي أسسه الفقيه أحمد ولد عيسى بقرية كترانج على ضفة النيل الأزرق الشرقية جنوب الخرطوم أول مؤسسة في السودان تحمل هذا الاسم،
وفي الضفة الغربية للنيل قرية تحمل اسم المسيد (مسيد ود عيسى) ومؤسسها الحفيد الفقيه إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عيسى وكان ذلك في عام 1256هـ ،
ويقول الشاعر الصديق عمر الأزهري يذكر مسيد ود عيسى :
حيِّ المسيد وأهله أكابرهم ** مع الأصاغر آباءَ وأحــفادا
حيِّ المسيد ومن في علمه رتعوا* *واقرِ السلامَ على أهليه مزدادا
نالوا بأحمد عزاً لا يطاوله عزُُ ** وسادوا بإبراهيم من ســادا
وكان مسيد ود عيسى لعهد السلطنة الزرقاء منتجعاً لطلاب العلم من جميع أرجاء السودان وما جاوره من الدول الإفريقية حيث رفد الحياة السودانية بنخبة من رجالات التصوف الأفذاذ الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس فيما بعد، ويعددهم الأستاذ الدكتور عزالدين الأمين في كتابه قرية كترانج ويذكر منهم الشيخ العبيد ود بدر، الشيخ إبراهيم الكباشي والإمام محمد أحمد المهدي وغيرهم.
ولم يكتف المسيد في السودان بمؤسساته المختلفة بنشر القرآن وتعاليمه وترسيخ دعائم الدين بين العامة، بل أسهم المسيد في حل كثير من المشكل الإجتماعي والسياسي والاقتصادي.
وفي السلطنة الزرقاء لجأ الكثير من أصحاب الحاجات، وطالبي الشفاعة عند السلطان، إلى مسيد الشيخ حسن ود حسونة بمنطقة بندي ليشفع لهم عند ملوك السلطنة الزرقاء أمثال بادي أبوشلوخ في مملكة سنار.
وها هو( أبونا) الشيخ إدريس ود الأرباب قد أرسى الصلح بمسيده بالعيلفون بين الفونج والعبدلاب إثر معركة كركوج الشهيرة. والتي قتل فيها الملك عجيب المانجلك ، وكيف أفضى هذا الصلح إلى إندماج كامل بين الفونج والعبدلاب بقيام الدولة السنارية.
وفي مسيد ودبدر بأم ضبان عقد الشيخ العبيد ود بدر الصلح بين قبيلتي البطاحين والشكرية، بعد حرب ضروس بينهما دامت ست سنوات (1870-1876) إستحر القتل فيها بأبناء وأمراء القبيلتين ، فأقام الصلح وفصلهما بالوداي الحسيب وقال قولته المشهورة: ( الِبْتَعَدا الحَسَيبْ عَقاُبو بسيْب).
وفي مسيد ودبدر إستقبل الشيخ العبيد حكمدار الخرطوم القائد عبدالقادر حلمي باشا 1883م، ونصحه بأن يغادر فوراً إلى مصر قبل نزول الصيف. وقال قولته المشهورة ( أحسن تريّف قبل الخرطوم تصيّف).
وفي مسيد ودبدر ذابت الفوارق العرقية والاثنية والقبلية، فالمسيد يجمع أبناء سلطنة دارفور وسلطنة وداي وأرتريا، والخلوة يعيش فيها الزغاوي والجعلي والنوبي والمسلمي... وغيرهم من القبائل السودانية حيث ذابت الفوارق العرقية بين طلاب المسيد، فترسخت أسس التكافل الاجتماعي، وتوزعوا الموارد فيما بينهم (الفزعة) ونمت بينهم روح الجماعة والاخوة الإسلامية التي لا تفرق بين المسلمين.
وفي المسيد حلقات الذكر والعلم فكانت تدرس في حضرة الشيخ ود بدر رسالة أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي، ومختصر خليل ، والمدونة، وطبقات الشعراني، وحكم ابن عطاء الله السكندري والمقدمات السنوسية وغيرها.
وفي المسيد يتذاكر الشعراء ويتبارون بمدح النبي صلى الله عليه وسلم وذكر سيرته العطرة عبر منظوماتهم الشعرية، أمثال حاج الطيب ود بدر والشيخ عبدالقادر أبو كساوي، والشيخ أحمد ود سليمان، والشيخ صالح بن الشيخ تاج الدين وغيرهم.
فالمسيد هو مؤسسة متكاملة شاملة لكل مفردات الرعاية الدينية والثقافية والإجتماعية .
بروفيسور/ عمر السيد الطيب العباس بدر
تعريف بمسيــد الشيخ ود بدر (السودان/أمضبان)
يعتبر التصوف في السودان مدخلاً أساسياً من مداخل دراسة تاريخ السودان الحديث، حيث أدارت الطرق الصوفية حياة أهل السودان على كافة المناحي السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية،
وكان المسيد بمؤسساته المختلفة هو القاعدة التي تنطلق منها هذه الفعاليات لترفد أهل السودان بمفرداتها التي تحقق لهم الاستقرار والأمن والطمأنينة تحت مظلة الدين الاسلامي الحنيف.
ولفظة المسيد مصطلح جامع لذلك المكان الذي يجمع مدرسة القرآن (القرآنية) ، ومسكن الطلاب(الخلاوي والتكية)، ودار الضيافة والمصلى (المسجد)،
وهذه المفردات الأربعة هي التي تكتنف هذا المصطلح (المسيد) ومن هنا يتبين لنا أن بكل مسيد مسجد وليس بكل مسجد مسيد.
وهذا المصطلح جاء تطوره الدلالي من لغة شائعة في لهجات العرب، وفي أبدال الجيم ياء، مثل قولهم :
(يَمَلُ) لغة في جمل،
و( شَيَرُ) لغة في شجر.
وذكر السيوطي في كتابه المزهر قول الشاعر:
إذا لم يكُنُ فيكُنَّ ظِّلُ ولا جنى فأبعدكنَّ اللهُ من شَيرًاتِ
وأهل وسط السودان يقولون :
(التاي) لغة في التاج
و(الهوى) لغة في الهوج
والمسيد بهذا المصطلح معروف بالمغرب العربي الذي يشمل " التكية والقرآنية والمصلى" .
أما المسيد في السودان فكان أول ظهوره في دولة السلطنة الزرقاء في القرن التاسع الهجري
ويعتبر مسيد ودعيسى الذي أسسه الفقيه أحمد ولد عيسى بقرية كترانج على ضفة النيل الأزرق الشرقية جنوب الخرطوم أول مؤسسة في السودان تحمل هذا الاسم،
وفي الضفة الغربية للنيل قرية تحمل اسم المسيد (مسيد ود عيسى) ومؤسسها الحفيد الفقيه إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عيسى وكان ذلك في عام 1256هـ ،
ويقول الشاعر الصديق عمر الأزهري يذكر مسيد ود عيسى :
حيِّ المسيد وأهله أكابرهم ** مع الأصاغر آباءَ وأحــفادا
حيِّ المسيد ومن في علمه رتعوا* *واقرِ السلامَ على أهليه مزدادا
نالوا بأحمد عزاً لا يطاوله عزُُ ** وسادوا بإبراهيم من ســادا
وكان مسيد ود عيسى لعهد السلطنة الزرقاء منتجعاً لطلاب العلم من جميع أرجاء السودان وما جاوره من الدول الإفريقية حيث رفد الحياة السودانية بنخبة من رجالات التصوف الأفذاذ الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس فيما بعد، ويعددهم الأستاذ الدكتور عزالدين الأمين في كتابه قرية كترانج ويذكر منهم الشيخ العبيد ود بدر، الشيخ إبراهيم الكباشي والإمام محمد أحمد المهدي وغيرهم.
ولم يكتف المسيد في السودان بمؤسساته المختلفة بنشر القرآن وتعاليمه وترسيخ دعائم الدين بين العامة، بل أسهم المسيد في حل كثير من المشكل الإجتماعي والسياسي والاقتصادي.
وفي السلطنة الزرقاء لجأ الكثير من أصحاب الحاجات، وطالبي الشفاعة عند السلطان، إلى مسيد الشيخ حسن ود حسونة بمنطقة بندي ليشفع لهم عند ملوك السلطنة الزرقاء أمثال بادي أبوشلوخ في مملكة سنار.
وها هو( أبونا) الشيخ إدريس ود الأرباب قد أرسى الصلح بمسيده بالعيلفون بين الفونج والعبدلاب إثر معركة كركوج الشهيرة. والتي قتل فيها الملك عجيب المانجلك ، وكيف أفضى هذا الصلح إلى إندماج كامل بين الفونج والعبدلاب بقيام الدولة السنارية.
وفي مسيد ودبدر بأم ضبان عقد الشيخ العبيد ود بدر الصلح بين قبيلتي البطاحين والشكرية، بعد حرب ضروس بينهما دامت ست سنوات (1870-1876) إستحر القتل فيها بأبناء وأمراء القبيلتين ، فأقام الصلح وفصلهما بالوداي الحسيب وقال قولته المشهورة: ( الِبْتَعَدا الحَسَيبْ عَقاُبو بسيْب).
وفي مسيد ودبدر إستقبل الشيخ العبيد حكمدار الخرطوم القائد عبدالقادر حلمي باشا 1883م، ونصحه بأن يغادر فوراً إلى مصر قبل نزول الصيف. وقال قولته المشهورة ( أحسن تريّف قبل الخرطوم تصيّف).
وفي مسيد ودبدر ذابت الفوارق العرقية والاثنية والقبلية، فالمسيد يجمع أبناء سلطنة دارفور وسلطنة وداي وأرتريا، والخلوة يعيش فيها الزغاوي والجعلي والنوبي والمسلمي... وغيرهم من القبائل السودانية حيث ذابت الفوارق العرقية بين طلاب المسيد، فترسخت أسس التكافل الاجتماعي، وتوزعوا الموارد فيما بينهم (الفزعة) ونمت بينهم روح الجماعة والاخوة الإسلامية التي لا تفرق بين المسلمين.
وفي المسيد حلقات الذكر والعلم فكانت تدرس في حضرة الشيخ ود بدر رسالة أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي، ومختصر خليل ، والمدونة، وطبقات الشعراني، وحكم ابن عطاء الله السكندري والمقدمات السنوسية وغيرها.
وفي المسيد يتذاكر الشعراء ويتبارون بمدح النبي صلى الله عليه وسلم وذكر سيرته العطرة عبر منظوماتهم الشعرية، أمثال حاج الطيب ود بدر والشيخ عبدالقادر أبو كساوي، والشيخ أحمد ود سليمان، والشيخ صالح بن الشيخ تاج الدين وغيرهم.
فالمسيد هو مؤسسة متكاملة شاملة لكل مفردات الرعاية الدينية والثقافية والإجتماعية .
بروفيسور/ عمر السيد الطيب العباس بدر
hsbelrasool.bdr- عضو شرف المنتدى
- عدد المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
مواضيع مماثلة
» الشيخ عبدالباقي الشيخ أحمد الشيخ عوض الجيد ود أم أخوان
» تعريف التقابة
» الشيخ مختار بن الشيخ بدر بن الشيخ سلمان العوضي
» ترجمة سيدي الشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل(أزرق طيبة)
» تأييد الشيخ حمد من ذرية الشيخ عيسى الطالب
» تعريف التقابة
» الشيخ مختار بن الشيخ بدر بن الشيخ سلمان العوضي
» ترجمة سيدي الشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل(أزرق طيبة)
» تأييد الشيخ حمد من ذرية الشيخ عيسى الطالب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 1:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» أبكار أبونا الشيخ ابراهيم الكباشي
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:41 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ محمد ود البخاري ساكن المدينة المنورة
الأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:23 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» سيرة سيدنا ومولانا الأستاذ الشيخ إدريس أب فركة
السبت مايو 07, 2016 10:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الحسين ولد صباحي المحسي ؛ راجل (شبونة الشيخ الحسين)
السبت مايو 07, 2016 10:50 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» ترجمة الشيخ الطيب الحاج الصديق ود بدر (ود السائح)
الإثنين أكتوبر 26, 2015 12:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» الجيلي يا الجيلي الآن بدرنا الساكن أم ضبان
الإثنين أكتوبر 26, 2015 11:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» لله أقـــــوام نعيمهم القرب
الإثنين أكتوبر 26, 2015 10:14 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» دلائل الخيرات في الصلوات على سيد السادات
الإثنين أكتوبر 26, 2015 9:24 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ