إلى الرفيق الأعلى

بسم الله الرحمن الرحيم

ثم أقام الأستاذ(الشيخ محمد بدر) بمحله بعد قتل الترك نحو شهرين حتى جاء المهدي ونزل بأبي سعد وتراجع الحصار

وقد ألح الأهل على الأستاذ بالقيام والهجرة إلى المهدي

وكان الأستاذ منذ قتل الترك سقيماً متمرضاً فلما أكثروا عليه الحاحاً قال لهم:

كان السيد الحسن الميرغني طلبه بعض أهل البلدان يتوجه معهم لجهة من جهات كسلا ليتشفع به في نازلة فاعتذر لهم فلم يقبل فتوجه معهم وعند وصوله بمحلهم أخذته الحمى فرجعوا به محمولاً وتوفى رحمة الله تعالى عليه وأني أحذركم هذه

فلم يقبلوا منه، فلما حتموا عليه كتب وصيته وعين ما يلزم لأبنائه القصر وجهز حاله جهاز مدبر من الدنيا ومقبلاً على الآخرة ووادع الفقراء المقيمين وداع من لا يعود

وخرج ليلة الأربعاء الاثنين من محرم

وسافر فوصل إلى الجريف لسبعة أيام خلون منه

وأقام به يومين

فتوفي يوم عاشوراء بالخميس عند طلوع الشمس

وأتوا به محمولاً كما قال ودفن ليلة الجمعة عند الضحى

وقد أظلمت الدنيا لموته واضطرب الكون شرقاً وغرباً لفقده

فسبحانه الحي الدئم الذي لا يموت وذلك في عام 1302هـ

وله من العمر ستاً وسبعون سنة

وقد صرف جواهر لحظات عمره في أنواع الطاعات وامسك بذمام نفسه عن مراتع الشهوات وعكف نور عقله في خلوات مناجاة مولاه وتعلقت روحه بالملأ الأعلى الذي تولى الله تعالى فتولاه

فهذه بعض أنموذج ما يتعلق بمناقبه رحمه الله تعالى

ولو استوفينا سيرة جميع أحواله لسالت أودية الكلام حتى تضيق بمنهمر جداول الصفحات وتعجز جياد السبق عن السعي في ميادين الدفاتر ولو طال الزمن وقد قال القائل فيه متمثلاً شعراً.

أردت بأن أحصي فضايل قدوتي
فجلت عن الإحصاء والعد والحصر

ولكن ما لا يدرك جله لا يترك كله وفي ما ذكرته كفاية لمن له لب ووعاية.

يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t290-topic