الفصل السابع: في التسليم وعدم الإنكار

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل السابع
في التسليم وعدم الإنكار

قــال (الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
من سلَم سلِم ، ومن عارض ندم، ومن لازم باب التسليم غرق في بحر التسنيم، وأقبل إلى العليّ العظيم، ومن أقبل إلى العليّ العظيم كان طريقه مستقيم.

وقــال رضي الله عنه:
سلّم تسلم، لا تتبع أهل السوء تتّهم.

وقد قــال بعضُهم:
لا يجوز الإنكار إلا على ثلاثة:
بدعىّ يأمر الناس أن يتبعوه على ابتداعه،
وصوفيّ جاهل بكيفية مسلكه ومشربه،
ومدّع تعلم عاقبة أمره على خلاف ما يدعيه،

وما عدا هؤلاء الثلاثة فلا يجوز الإنكار على أحد، بل يجب التسليم لهم والانقياد إليهم،

قال صاحب الحكم:
(إذا رأيت عبداً أقامه الله تعالى بوجود الأوراد، وأدامه عليها مع طول الإمداد، فلا تستحقرنّ ما منحه مولاه لأنّك لم تر عليه سِيما العارفين، ولا بهجة المحبّين، فلولا واردٌ ما كان وِردٌ).

وقال رضي الله عنه:
إذا رأيت منهم من تعدّى وناح، وفعل أفعالاً قباح، ولو يأتي إلى البهائم وقال إرادته النكاح، فربما حصل للنخل اللّقاح
، وهذا كله حجاب وحفظ للأسرار من فرط الإباح، فلا تجدُّ فيهم إلا بكثرة الأمداح، ألا تدري أن من أنكر عليهم خربت دارُه وهفا وراح ؟ .

وقال أيضاً:
لا يجوز الإنكار على أهل التعلّق ولو قتلوا النفس بغير حقّ، إذ لا يُنكر تأثيرُ الطباع البشرية عند عدم حفظ آداب العبودية، فإذا جمعك الله بهم فاقبض خاطرك عندهم، وجمّل ظاهرك عند مقابلة السلطان، واتبع الفقيه فيما يقول، فهكذا إن كنت حرّاً من الأحرار، در مع الدهر حيث دار، وسلم لهم عموماً وخصوصاً، ولا تستحقر فيهم أحداً وإن لم تجد علامة تميزهم لك.

قــال بعضُهم:
فربّ وليّ ظهر لخلق كثير وانتفعوا به، وربّ وليّ ظهر لهم ولم ينتفع به إلا واحد، ورّبما اطّلع عليه الواحد وحُجب عن كافة الناس وبالعكس.

قال صاحب الحكم:
(سبحان من ستر سرّ الخصوصيّة بظهور البشريّة).

فمنهم من يكون ظهوره بالأحوال والمقامات، ومنهم من يكون بالعلوم والمعارف، ومنهم من يكون بالفوائد والتصريف إلى غير ذلك، فاعتبر عادتك بحصول فائدتك، ومن حصل لك به انتفاع فلا تفارقه، لحديث :
(من رُزِقَ من باب فليلازمه)،
ومن لا فلا تهمله، بل اعتقد فيه وتبرّك به،

وقد أنشد بعضُهم:
ستبدُو لك الأسرارُ بعد اكتتامها ** كأنّ الذي قد صانها عنك يُخبِرُ
فسلّــم لهـــم فالقــومُ أهــلُ عنايـةٍ ** وخاملهمُ في الوصف لا يتحقـّرُ
فإن كنت يا هذا بهـم متـمسّكـــاً ** فتبقى بطــول الدّهـــر لا تتــغيــّـرُ

وقال ابنُ بنتِ المَيْلَق رضي الله عنه:
للقوم سِرٌّ مـع المحبـوب ليس له ** حدٌّ وليس سوى المحبوبِ يدريه

وقال أيضاً:
وللفقيـر وُجُـوهٌ ليـس يحصُرُها ** عـــدٌّ وَكُـــلُّ وجــــودٍ فهْـــو واديــه

وعلى الجملة فالاعتقاد وِلاية، والاعتراض جناية.

وقال رضي الله عنه:
سلّم ولا تعارض، واحرص لمن له عليك فارض، وإن عرفت فاتبع، وإن جهلت فسلم،

فافهم ذلك والحمد لله رب العالمين.

يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t138-topic