في معرفة التلميذ الصادق والتلميذ الكاذب

من طرف ?????? السبت مارس 19, 2011 9:30 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الخامس
في معرفة التلميذ الصادق والتلميذ الكاذب

قــال(الشيخ محمد بدر) رضي الله عنه:
مثالُ التلميذ الصادق في المحبة، القوىّ في الاعتقاد، كمثال طلوع النيل على مواطئ الأرض، إذ يصير الماء يتدلّى في المواطئ بغير اختيار البحر، فكذلك التلميذ إذا رسخ في الصدق والمحبة، تسترق هواتف الحق السر من غير مراد الشيخ وتعطيه للتلميذ، ولو كان الشيخ شاحّاً على سره، لأن السر يسري وصاحبه لا يدري .

قـــال رضي الله عنه:
كان لبعض الصالحين تلميذان: أحدهما: محب، والثاني: محبوب، وكان ذات يوم وجدهما نائمين، فقصد إصلاح المحبوب، فخرج منه فيض حتى التصق به فانحدر الفيض إلى المحب فأعرض عنه الشيخ، وقصد به ذلك المحبوب، فانحدر ثانياً وثالثاً، فلم يزل منحدراً إلى المحب عادلاً عن المحبوب، ثم بعد ذلك راجع الشيخ نفسه، وقال هذه معاندة للقدرة التي لا محالة من حلولها في محل ورودها، وبهذا التفويض قد حل الفيض محل وروده، واستقر على المحب فأصلحه،

فانظر يا أخي إلى الفرق بين المحب والمحبوب؟
فقلت له:
يا سيدي كيف الشيء يؤخذ من غير رضا صاحبه؟
فقال لي رضي الله عنه:
ليس لصاحبه فيه ملك، لأنه أمانة الله عنده، والله أعلم حيث يجعل رسالته،

ومثال التلميذ الكاذب في المحبة، الزائغ في الاعتقـاد، كطلوع النيل على عوالي الأرض، فإذا طــلع عليهـــا تبـلّج من غير اختيار البحر، ومثاله أيضاً كالإناء المكفي، فإذا صُبّ عليه الماء تبلّج منه، فإذا أراد الشيخ أن يعطيه السر يرده الله عنه قهراً، لأن الله سبحانه وتعالى أعلمُ بموضع السر من الشيخ، يضعه حيث شاء.

وقــال رضي الله عنه:
الفقراء على قسمين: سالك ومجذوب،

فمنهم من لدغته حيّات الطريقة، ومنهم من لدغته حيّات الحقيقة، فمن لدغته حيّات الطريقة أقبل إلى محبة الأشياخ، ومن لدغته حيّات الحقيقة أقبل إلى الله بكليته،

وقد أنشد بعضُهم:
جاهــــــدْ تُشـــاهْـــد يـا فـــقيـــه ** من أنكر الجذبةَ صار سفيه
ومن عدم الجذبة راح بالتّيه ** والجــذبـةُ لا صــياحٌ ولا نــيـاح

وقال ابنُ بنتِ المَيْلَق:
والجذبُ أخذةُ عبدٍ بغتةً بيدي ** عنايةً نحو أمرٍ ليس ينويه

وقال آخر:
فمــن شـــمّــها قـــــام منتبهـــــا ** ومـن رعاها حـــامَ حولَ حِمــاهـــــا
ومن ذاقها ترك الأكوانَ ورماها

وقــال رضي الله عنه:
إن سُئلت عن السالك والمجذوب- أيّهما أفضل؟ فقل أفضلُ المجذوب بوجه، وأفضلُ السالك بوجه،

أمّا المجذوب فكونه أخذ من ربه بلا واسطة،
وأما السالك فكونه أخذ من المشايخ، فأدب نفسه وأدب غيره، فلأجل هذا صار أكثر أجراً من المجذوب،

والمجذوب هو كالعبد الذي ينال رضا سيده من غير تعب، والسالك كالعبد الذي يخدم سيده فينال رضاه، فافهم ذلك، والله يتولى هداك.
والحمد لله رب العالمين.

يتبع: https://omdoban.yoo7.com/t136-topic