كتاب مرشد المبتدئين : باب الحج

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب مرشد المبتدئين : باب الحج

الحج لبيت الله الحرام ركن من أركان الاسلام وواجب على من استطاعه مرة فى العمر

ودليل وجوبه قوله تعالى :

(ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا)

وقول النبى صلى الله عليه وسلم :
أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا

فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثاً فقال :

لو قلت نعم لوجب ولما استطعتم

ويعصى بتأخيره عن أول سنة يمكن الحج فيها

وهل هو واجب على الفور أو على التراخى قولان للعلماء

وله شروط وجوب وأركان وسنن ومستحبات

فاما شروط وجوبه فأربعة :

البلوغ والعقل والحرية والاستطاعة

وله شرط صحة وهو الاسلام

وأما فرائضه التي يبطل بترك واحد منها ولا تجبر بالدم فهي أربعة :

النية بالاحرام

والوقوف بعرفة ليلا من ليلة النحر

وطواف الافاضة

والسعي بين الصفا والمروة

وأما سننه المؤكدة التى تجبر بالدم فهى عشرة :

افراد الحج

والاحرام من الميقات المكاني

والتلبية وهى لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

وطواف القدوم

والنزول بقدر حط الرحال بمزدلفة

ورمى الجمرات

والحلق والتقصير

وركعتا الطواف

والمبيت بمنى ليالي الرمي

والجمع بعرفة الظهر والعصر

والجمع بمزدلفة المغرب والعشاء سنة لكن لا دم فى تركه

وأما ممنوعاته فهي:

أول دخول الرجل فى الاحرام يحرم عليه لباس الثياب والنعل والمحيط والمخيط الا أن يجعله على ظهره كالرداء والثياب المصبغة

والدهن فى الجسد كله إلا لضرورة

ولا يحلق رأسه ولا يمشطه ولا يغطيه الا لعذر ويفتدى مع العذر

ولا يطرح القراد عن دابته ولا عن دابة غيره

ولا يحك ما لم يراه من بدنه الا برفق

ولا يقلم أظافره

ولا يزيل شعثا ولا وسخا ولا يقتل قملة ولا برغوثا ولا يطرحها عن نفسه ولا عن غيره وله طرح البرغوث

ولا يكتحل ولا يصحب طيبا

فان فعل شيئا من هذه الممنوعات فعليه الفدية وجوبا وهى صيام ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين لكل واحد مدان أو شاة يذبحها حيث شاء من البلاد

وتتعدد الفدية بتعدد الفعل الا فى أربع مسائل :

أولهما أن يظن هذا الفعل مباحا

أو أن يقع منه التعدد فى زمن واحد من غير تراخ

أو أن ينوى تكرار العمل

أو أن لا يحصل بالفعل الثانى انتفاع زائد على انتفاع الأول

ويشترط فى اللبس أن يحصل به انتفاع من حر أو برد فان نزعه مكانه فلا فدية

ولا يتعرض لشئ من صيد البر فى الحرم ولا غيره ولا يذبح صيداً صاده حلال أو محرم وله ذبح الطير الذى لا يطير فان قتل شيئا من الصيد فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم معناها كل صيد كفارته ذبح بهيمة قدره يحكم به ذوا عدل منكم هاديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما

ويجوز له قتل الحيوان المفترس كالأسد والحية والعقرب والفأرة والكلب العقور والغراب والحدأة والزنبور وهو ذكر النحل

ولا يقرب النساء ولا يخطب أمرأة لنفسه ولا لغيره ويفسخ نكاحه قبل البناء وبعده

ويفسد حجه بالجماع مطلقا ومقدماته مع الانزال وان لم يكن انزال فليهدي بدنه وبخروج المني مع استدامة النظر والتفكير

وفي خروج المذي هدي

ويجب عليه قضاء ما أفسده فورا اذا فعل مفسدا أو ترك ركنا من الأركان الثلاثة ان كان يدرك الوقوف بعرفة
وعليه هدي والا تحلل من احرامه بفعل عمرة وجوبا

ويعاود التلبية فى كل صعود وهبوط وملاقاة رفقة

ويكره الالحاح بها كثيرا ورفع الصوت

واحرام المرأة أن تكشف وجهها وكفيها فقط اذا لم يخش منها الفتنة والا فيجب عليها سترهما بأن تسدل شيئا على وجهها للستر من غير غرز ولا ربط

والاحرام ينعقد بالنية وحدها أو تكون مقرونة بقول كالتلبية أو بفعل كالتوجه بطريق مكة وذلك بعد أن يغتسل ويتجرد من المحيط والمخيط

فيحرم ان شاء مفردا وهو الأفضل وصفته أن يقول : نويت الحج والعمرة وأحرمت بهما لله تعالى

أو ينوى العمرة وحدها ثم يردف عليها الحج ما لم يفرغ من طوافها

وان شاء بعمرة وهو أن يقول : نويت العمرة وأحرمت بها لها لله تعالى

ولا يشترط التلفظ فالنية بالقلب كافية

فاذا وصل المسجد يدخل من باب بنى شيبة ويقدم رجله اليمنى ويتعوذ ويصلي على النبي

ويقصد الحجر الأسود يستلمه ان أمكنه بفمه أو بيده والا فبعود او اشارة

ويطوف طواف القدوم ان كان محرما بحج او قران وان كان بعمرة نوى طواف العمرة

ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود

ويشترط فى الطواف سبعة شروط :

أولهما طهارة الحدث والخبث
وستر العورة
واكمال سبعة أشواط
وأن تكون الأشواط متوالية
وأن يكون الطواف داخل المسجد
وخروج كل البدن عن مقدار ستة أذرع من الحجر والشاذروان
ويجعل البيت عن يساره

فاذا تم الطواف صلى ركعتين بمقام ابراهيم متصلين مع الطواف

ويستلم الحجر بعد الركعتين على جهة السنية

ويستحب الشرب من ماء زمزم بعد ذلك

ثم يخرج للصفا ويشرع فى السعي حتى يكمل سبعة أشواط وهي أن يرقى على الصفا مستقبل القبلة ويدعو بما تيسر ثم يقول : الله أكير (ثلاثا) ويثني على الله ويصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم وينحدر الى المروة مشتغلا بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء فاذا وصل بطن المسعى خبب الرجل لا المرأة والخبب فوق الرمل ودون الجري وذلك بين العمودين فاذا وصل المروة رقى عليها وفعل مثل ما تقدم فى الصفا ثم عاد للصفا على قول العدوي بدون خبب ومقابله يخب فى جميع الأشواط والكل جائز وهكذا حتى يكمل سبعة أشواط فيقف أربعة وقفات على الصفا وأربعة على المروة ويختم بها

ويشترط فى السعي اكمال سبعة أشواط متوالية والبدء بالصفا وتقديم طواف صحيح واتصاله بالطواف

فاذا تم سبعة تحلل حينئذ ان كان محرما بعمرة بنحر هدي أو حلق

وأفضل الهدايا الابل ثم الضأن ثم المعز

وحكمها فى السن وسلامة العيوب كالضحايا

ويجوز لصاحبها الاكل منها الا من أربعة وهي :

جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين وهدى التطوع اذا عطب قبل محله

وان كان محرما بحج أو قران عاود التلبية ويكثر من الطواف وشرب ماء زمزم ثم يخرج الامام والناس جميعا يوم التروية وهو اليوم الثامن بقدر ما يدركون الظهر بمنى ويستحب المبيت فيها ثم يسيرون الى عرفة

فالمستحب النزول بنمرة فاذا زالت الشمس يصلون الظهر والعصر جمعا وقصرا لكل صلاة آذان واقامة

ويستحب الوقوف بعد ذلك عند الصخرات المفروشة فى أسفل جبل الرحمة لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم يدعون فيه الى الغروب

فاذا غربت الشمس ومضى جزء من الليل للفرضية خرج الامام بالناس للمزدلفة صلى بهم المغرب والعشاء جمعا وقصرا بها والمبيت فيها سنة

فاذا طلع الفجر صلى الصبح ثم يقف بالمشعر الحرام ويدعو ثم ينصرف

فاذا وصل منى رمى جمرة العقبة بسبع حصيات يكبر مع كل واحدة فيحصل له بذلك التحلل الأصغر الا النساء والصيد

ونحر وحلق وطاف طواف الافاضة بمكة وتحلل التحلل الأكبر

ثم يرجع الى منى فيقضي الرمي كله بشروطه وهي أن يرمي الجمرات الثلاثة فيبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة وذلك بعد الزوال من اليوم الثاني

ثم يفعل ذلك بعد الزوال من اليوم الثالث

ثم يرجع لمكة ان تعجل قبل غروب شمس اليوم الثالث وان غربت عليه الشمس قبل أن يجاوز جمرة العقبة لزمه المبيت ورمى جمار اليوم الرابع كالصفة المتقدمة

ثم يأتى مكة وان كان أحرم بالحج مفردا فيسن له أن يأتي بالعمرة لأنها سنة مؤكدة مرة فى العمر وهى آكد من الوتر فيحرم لها كما يحرم للحج ويطوف لها ويسعى وبتمام السعي قد تمت عمرته فيتحلل منها بفعل ما تقدم

ثم يقبل على شأنه من كثرة الذكر والتلاوة للقرآن ومشاهدة البيت وكثرة الطواف وشرب ماء زمزم ويغتنم فى اقامته تلك الأيام القلائل فيكثر فيهن العبادات لأنها فرصة سعيدة لا توجد فى غيرها

وليس فى الطواف والسعي والوقوف دعاء مخصوص والثابت فى الصحيحين والقرآن العظيم ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم انى أسألك العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة والأمر فى ذلك واسع والله أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب.

وقد تم هذا الكتاب بعون الله وحسن توفيقه على يدي مؤلفه بيوم الاثنين خمس من شهرذي القعدة سنة واحد وسبعين هجرية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية موافق 28/7/1952 ميلادية أسأل الله أن يتقبله بأحسن قبول وأن يمنح صاحبه والمسلمين سعادة الدارين.
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

انتهى كتاب مرشد المبتدئين الى ضروريات علوم الدين لمؤلفه : الخليفة أحمد الشيخ الخليفة أحمد بدر
تحرير : حسب الرسول الطيب الشيخ ، غفر الله له ولوالديه