منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ؛ وجودكم معنا يسعدنا ويشرفنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ؛ وجودكم معنا يسعدنا ويشرفنا
منتدى الطريقة البدرية القادرية بأمضبان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» ترجمة سيدي الشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل(أزرق طيبة)
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالأربعاء سبتمبر 07, 2016 1:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» أبكار أبونا الشيخ ابراهيم الكباشي
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:41 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» ترجمة الشيخ محمد ود البخاري ساكن المدينة المنورة
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالأربعاء سبتمبر 07, 2016 12:23 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» سيرة سيدنا ومولانا الأستاذ الشيخ إدريس أب فركة
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالسبت مايو 07, 2016 10:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» ترجمة الشيخ الحسين ولد صباحي المحسي ؛ راجل (شبونة الشيخ الحسين)
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالسبت مايو 07, 2016 10:50 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» ترجمة الشيخ الطيب الحاج الصديق ود بدر (ود السائح)
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالإثنين أكتوبر 26, 2015 12:00 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» الجيلي يا الجيلي الآن بدرنا الساكن أم ضبان
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالإثنين أكتوبر 26, 2015 11:54 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» لله أقـــــوام نعيمهم القرب
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالإثنين أكتوبر 26, 2015 10:14 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

» دلائل الخيرات في الصلوات على سيد السادات
الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Emptyالإثنين أكتوبر 26, 2015 9:24 am من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Empty الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف

مُساهمة من طرف حفيد الرشيد السبت يوليو 03, 2010 3:23 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
التصـوف الإسـلامي ومـرتكـزاته من الكتـاب والسـنة
الشيخ عبد الجبار المبارك، القوم، العددين، الرابع، إبريل 1985 والخامس عشر، ديسمبر 1987

أسانيـد التبـرك بالأضرحة.. الحجاب.. الرقيـة.. العزيمة

نص محاضرة الأستاذ عبد الجبـار الـمبـارك بقرية الشيخ الياقـوت التي أجـاب فيــها على العديد من الأسئلة المتعلقة بالتصـوف الإسـلامي ومرتكزاته من الكتـاب والسنة.. فمن بين القضايا الأساسية التـي شرحها الأستاذ عبد الجبـار الـمبـارك، التبـرك بالأضرحة وبترابها، والحجـاب والرقيـة والعزيمة وغيـرها.

الحمد لله على نعمائه وكفاية آلائه حمدا يعرج به براق التوفيق إلى جناب المحمود فـي مقام الحق يرفعـنا بإذن الله إلى رفيع درجات التحقق بشكر الوهاب.. الوهاب الذي سخـر لنا ما فـي السموات وما فـي الأرض جميعا منه علنا نبلغ أسباب التقوى ومدارج العقـل عن الحق فيما شرع وأنزل.

وأصلي وأسلم على حبيبـنا وقـدوتنا محمد رسول الله الصادق الأمين الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمـة ثم التحـق بالرفيـق الأعـلى رشـيدا مخلفا فيـنا راية الحـق باهـرة شـماء من تمسك بها هـدى واسـترشد ومن زاغ عنها ضـل سعيه فـي الحياة الدنيا ولن يجد من دون الله ملتحدا صـلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الدعوة كريمة من مكان كريم فـي مناسبة كريمة طيبة جمعت قوما كراما ذلك لأنها دعوة فـي جنب الله ودعوة المعـرفة بحق الله وحقيقة إيمان العبد به ولـهذا وجدتني استجيب وذاك إكراما للداعي الكريم وإكراما للحضور المكرمين الذين تتنزل بحضورهم الرحمات وتتجاوب بذكرهم السموات ذلك لأنهم العباد والزهاد والذكار يملأون الأرض والسماء بأريج عطر طيب يفوح شذى من عطر المحبين الطيبين ذلك لأنه عطر المحبة والمحبين عطر أولياء الله الصالحين الذي لا يشم شميمه إلا من كان خالصا القلب تقيا.

وبعد فقد سبقني علماء أجلاء وإخوة كرام لـهـم فـي مجال التربية الإسلامية الصـوفيـة باع طويل ولـهـم على نهج المصطفي صلي الله عليه وسلم قدم رفيعة ولـهـم فـي مجال الفقه عن الله قلب شهيد وأذن واعية. فاسأل الله أن يحفظ هذه الخصائص فيهم وأن يزيدهم من فضله إنه على كل شيء قدير،

والحديث سوف يكون بلغة تفهمونها ذلك لأنه سيكون حديث الحجة لمن يريد الحجة فالكل يؤمن بالتصوف منهجا وبالطريق سبيلا وبالقرآن رائدا وبالرسول قائدا وبالله ربا وبالاسلام دينا، بيد أنكم تتبعون طرقا وتنتهجون سبلا عرفت فـي تاريخ الإسلام باسم الصوفية والذين فـي قلوبهم مرض ينكرون هذا الاسم ويزعمون أنه بدعة ضلالة ويقولون محتجين بقول الرسول صلي الله عليه وسلم "وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فـي النار" ليكون الحكم عليكم حكما بالنار لا لشيء إلا لأنكم ابتدعتم فـي "زعم هؤلاء القوم" بدعا ما أنزل الله بها من سلطان تحت ما عرف بالتصوف ولهذا سنبدأ بالأصل الذي زعم الزاعمون أنه بدعة فإن ثبت الأصل تمت الفروع حتى التحقت بالسماء لتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وإن اهتز الأصل ولم يكن له قرار كان فرعه ضاويا هزيلا لا يحمل ثمرة ولا يورق غصنا.
التصـوف.. ما هـو وما هـو مصدره؟

اللغة العربيـة التي نزل بها القرآن تعطينا أن الاسم مستمد من زي معين من لبس القميص، وتجلبب وتقمص إذا لبس القميص وتجلبب إذا لبس الجلباب ولكن الذين فـي قلوبهم مرض يتخذون من هذا الاسم هزوا ويتخذونكم به سخريا ذلك لأنهم يجعلونكم بهذا الاسم شركاء مع الخروف ويقولون "لو كان التصوف بالصوف لطار الخروف" بيد أن الذين يسخرون من هذا الاسم فاتهم أن لكل زي دلالة اعتبارية فرجل الشرطة له لبس معين والجندي له والضابط له لبس معين وعلماء الأزهر لـهـم لبس معين لا يعرف الواحد منهم أنه عالم أزهري إلا إذا لبس الكاكولة والطربوش الأحمر فإذا لبس جلبابا وعمامة لايكاد يعرف أعالم أم جاهل، وهكذا قل فـي كل زي يميز أشخاصا بصفة معينة.
فما هي شـارات الصوفـي وما هي شـارات من تصــوف؟

العلماء الذين بحثوا عن تاريخ التصوف وردوه إلى أصوله من القرآن والسنة وحياة الصحابة أرجعوا دلالات لبس الصوف إلى عدد من المضامين التربوية، ذلك لأن الأصل فـي صدر الإسلام أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتقللون من متاع الدنيا وكانوا فيها من الزاهدين حتى إن الواحد منهم كان يبيت الليالي ذوات العدد من غير أن يدخل فـي جوفه طعام، وكانوا فـي ذلك يتأسون بالرسول صلي الله عليه وسلم الذي آثر أن يجوع يوما ويأكل يوما غير أن الله عرض عليه بطحاء مكة ذهبا فأراها أيما شمم ذلك لأنه آثر أن يكون عبد الله ورسوله، فتأسيا بهذا الرسول الكريم الذي بعث فـي الأميين وهو منهم ليتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة كان ذلك قدوة تقتدى

فكان الصحابة يعيشون هذا الخلق الكريم وهذا النهج التربوي السليم، حتى إذا انقضى عصر النبوة وانقضى عصر الخلافة الراشدة وجد الناس الذين عاصروا الصحابة أن عددا من المسلمين قد استهوتهم الدنيا وأخذوا من بهرجها ما أنتج لـهم وشغلتهم بل وصرفتهم عن كثير من مهمات أمورهم الدينية فـي مختلف المجالات، فحاول الربانيون فيهم أن يعودوا بهم إلى ما كان عليه الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم ليكونوا بذلك من الغرباء الذين يحيون ما اندثر من سنته صلي الله عليه وسلم حتى يكونوا على ما كان عليه المصطفى صلي الله عليه وسلم وأصحابه

فدعوا الناس إلى التقلل من الدنيا ودعوا الناس إلى الرجوع إلى الحق وأظهروا ذلك بعمل ملحوظ مشاهد، ومن ذلك لبسهم ما اخشوشن من الثياب وقد وجدوا أن الصوف هو أكثر الثياب تحملا لمتطلبات الزهد والتقشف فاتخذوه زيا، وهذا الزي الذي اتخذه كبار الزهاد فـي صدر الإسلام هو الذي عرفت به طائفة من المسلمين فيما بعد وحينها تقعدت قواعد المذاهب الإسلامية على مختلف مناحي العلم سواء كان علما عقديا أو علما فقهيا، ولـهذا نشأ أن كلمة صوفـي لم تعرف إلا فـي القرن الرابع كما زعم الزاعمون بل كلمة صوفـي بهذا اللفظ عرفت بالضبط سنة خمس وسبعين من الـهجرة يعني فـي القرن الإسلامي الأول والصحابة يومئذ متوافرون لأن آخر الصحابة مات سنة مائة وواحدة والفرق بين مائة وواحدة وخمس وسبعين فرق كبير، من هنا فإن الذي يزعم أن كلمة صوفـي وتصوف ما عرفت إلا بعد أن انقضى عهد الصحابة أقول له زعمك باطل وعلمك قاصر ذلك لأن المسلم إذا حكم فـي مسألة ما عليه أن يتحقق ويدقق ويجمع أصولـها حتى لا يتهم بالتقصير فيما يقول.


أول من سمي بالصوفـي :

إن أول من سمي بالصوفـي هو أبو هاشم يحيى بن زيد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. أبو هاشم الصوفـي يحيى الشهيد الذي ثار كثورة أبيه زيد، وزيد هذا هو والد محمد الباقر، ومحمد الباقر هو والد جعفر الصادق الذي عاصر أبا حنيفة ومالك وكان من مشايخهم ولـهـذا عندما يقرأ الدارس عن تاريخ التصوف يجد أن كلمة صوفـي هذه لم تقتصر على أبي هاشم هذا وإنما عرفها الحسن بن يسار المشهور بالحسن البصري وهو بصري النشأة مدني المولد إذ ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد ولد سنة إحدى وعشرين فـي منزل أم سلمة أم المؤمنين لأن أمه كانت مولاة لأم سلمة وأبوه له ولاء لبني هاشم فـي المدينة فتربى الحسن فـي بيت النبوة،

ويقول ابن سعد صاحب الطبقات وهو أقدم تاريخ معروف عند أهل العلم إن أم الحسن هذه كانت تغيب عن البيت فـي بعض حاجاتها فيبكي الحسن وهو طفل فتحمله أم سلمة أم المؤمنين فيدر ثديها له فيرضع منه فهو رضيع لبان النبوة.

عاش الحسن رضي الله عنه فـي المدينة حتى استشهد سيدنا عثمان رضي الله عنه وذلك فـي عام خمسة وثلاثين من الـهـجرة فكأنه عاش فـي المدينة أربع عشرة سنة ثم ارتحل بعد ذلك إلى البصرة وعرف بالحسن البصري وتعلمون أنه تعود إليه كل طرق التصوف تقريبا لماذا؟ لأنه عاصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخذ عنه الكثير من العلم حتى إن سيدنا عليا عندما ذهب إلى الكوفة وهناك التقى بسهل بن حنيف واليه على الكوفة أمره أن يخرج القَصَّاص من مسجد الكوفة وخرج سيدنا علي ليطوف على هذه الحلق التي تذكر فيها القصص حتى وقف عند حلقة هذا الشاب المسمى بالحسن بن يسار فالتفت إلى سهل بن حنيف فقال يا سهل من هذا الغلام الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء قال ذلك الحسن بن يسار فقال أما هذا فأثبته فـي مكانه،

ومنذ ذلك الحين أخذ الحسن من الإمام علي الكثير من العلم والمعرفة ولأن سيدنا الحسن لم يلبس غير الصوف سئل فـي ذلك فقال يا هؤلاء أقصروا فوالله لقد شهدت سبعين بدريا (من أهل بدر) كلهم يلبس الصوف حتى إذا نزلت السماء عليهم شممت منهم رائحة الضأن، إذن لبس الصوف ليس بالشيء الجديد.


عــلام يـدل لبس الصـوف؟

إن قضية لبس الصوف ليست قضية فحسب ولكن علام يدل لبس الصوف؟ وهذا ما بحثه الباحثون فقالوا.. إن لبس الصوف دلالة على الصفاء ولـهـذا فمن صافى الحق صافاه ليكون بذلك صوفيا، وقيل لبس الصـوف إشارة ودلالة على التزام لابسيه بالصلاة فـي الصف الأول لأنهم من الذين يجالسون الحق على الدوام بحيث لا تلهيـهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وقالوا بل إن الصوف يدل على أن أهله من صفوة الله الذين آثروا ما عند الله على ما فـي هذه الدنيا فقلبوا لـهـا ظهر المجـن وعاملوها معاملة قاسية لأنها دار فناء ولدار البقاء عملوا، فالدلالات هذه للتصوف تحمل هذه المرتكزات ولـهذا نستطيع أن نقول إن التصوف باعتباره منهجا للزهد والنسك والذكر والصفاء ومنهجا ليكون الإنسان من صفوة الله ومنهجا ليكون من أهل الصف الأول،

أقول إن التصوف بهذه المرتكزات قديم قدم الإسلام معروف ما عرف الإسلام لأن الإسلام قد جاء عبر القرآن الكريم والسنة النبوية بهذه المفاهيم، ولـهـذا لم يتكلم علماء التصوف كثيرا عن الـهـيئة بقدر ما تحدثوا عن أركان التصوف، وهو مقسم كغيره من العلوم العملية إلى أربعة أركان وهذه الأركان إذا قامت على دعائمها قام البناء شامخا وإذا انهارت هذه الدعائم انهار البناء تبعا لانهيار دعائمه، ولـهـذا:

الركن الأول لمنهج المتصـوفة: السـهر

فلن تجد صوفيا إلا وله نصيب من الليل ذلك لأن الليل موضع الخلوة الزمانية بين الأحبة وحبيبهم وهو الصلة التي تربط الانسان بفيوضات ربه ولهذا جعله الله تبارك وتعالى ظرفا زمانيا مليئا بالأسرار واللطائف وأمر عباده الصالحين أن يقوموا من الليل ساهرين، ولـهـذا نجد فـي كثير من آيات القرآن الكريم الدعوة إلى السهر والدعوة إلى قيام الليل ذلك لأن لليل أهلاً لـهم فيه راحة وسكن وقد أدب الله رسوله ورباه فقال {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا}، لماذا؟ {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا، إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا}.

هذه الناشئة من الليل التي هي أشد وطئاً فـي رواية هي التي عرفها أهل التصوف وهي التي دعوا الناس إليها ليكونوا من أولئك الذين قال فيهم الله عز وجل {وعباد الرحمن الذين يمشون عل الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} (63 ـ 64 الفرقان)،

وعندما تقول بات فلان يخصف نعله أي ظل ودام فهؤلاء الذين يبيتون لربهم أي يقفون ليلهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، ذلك لأن قيام الليل بالعبادة من سيماء الصالحين ومن علامات عباد الله المقربين، فالسهر إذن ركن ركين وأصل ثابت من أصول التربية الإسلامية التي جاءت عبر القرآن الكريم باعتباره النهج الإلـهي القويم.


الركن الثاني: الجوع

وفـي الركن الثاني فـي منهج المتصوفة نجد أن القرآن الكريم عبر عن الجوع بالصيام، والصوم هو إمساك النفس عن شهواتها المعتادة كشهوتي البطن والفرج

فمن جاع فقد اتصل بالله عبر حبل متين ذلك لأن الجائع يكون قريبا من ربه فتزكو نفسه وتسمو روحه ويستيقن قلبه الإيمان ليكون بذلك من المقربين فالجوع وارد، ولو ذهبت أعدد لكم الحوادث والأحاديث التي تتحدث عن الجوع لطال بنا المقام ولـهـذا أشير إشارة عابرة إلى أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان أسوة فـي الجوع وكان أسوة فـي الصيام فانظروا إليه فـي غزوة الخندق يعصب بطنه بالحجر ويأتي إليه محمد بن مسلمة وقيل حذيفة بن اليمان يقول له إن عقبة كؤوداً حالت بين المسلمين وبين حفر الخندق فجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو جائع لم يذق طعاما منذ أمد وقد عصب حجرا على بطنه يتقوى به فحمل المعول وضرب الصخرة ضربة فبرقت برقا شديدا فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس ثم ضربها ثانية فبرقت فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الروم ثم ضربها ثالثة فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الجزيرة العربية ثم انهالت الصخرة وانقضت،

وقد لفت نظري الربط بين الحالة التي كان عليها الرسول صلي الله عليه وسلم وبين هذا الفتح المبين وبين هذه البشرى التي ذكرها الرسول صلي الله عليه وسلم يبشر بها هؤلاء الصحابة الأجلاء فمن جاع متصلا بالله أي فـي حالة كونه ذاكرا له يفتح له ويبشر ببشريات تأتي فـي مستقبل أيامه، وقد صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما بشر به، وبهذا نجد أن الجوع ديدن الصالحين ونجائب المقربين منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


الركن الثالث: العزلة :

أما العزلة فيعبر عنها الشارع بالاعتكاف وهي السنة التي كاد الناس أن ينسوها ولـهـا أصل أصيل وركن ركين بدءا من تربية المصطفى صلي الله عليه وسلم وذلك قبل مبعثه صلي الله عليه وسلم وليكون رسولا وليعد لمقام الرسالة أعد بالعزلة حتى إن قريشا كانت تقول إن محمدا قد عشق ربه فكان يذهب ليختلي فـي غار حراء الشهر والشهرين والثلاثة ثم يعود إلى أهله فيتزود بمثلها حتى إذا فاجأه الوحي وجده فـي خلوته معتزلا بغار حراء، ولـهـذا فإن الخلوة استجماع للفؤاد لمجالسة رب العالمين

ولـهذا فإن أبا يزيد البسطامي العالم المرشد كان بعيدا عما ينحله له المبطلون الذين لا يعلمون شيئا، هذا العالم المرشد الجليل يقول من علامات صدق المريد فـي طلبه الحق فراره من الخلق ومن علامات صدق فراره من الخلق وجوده للحـق رجوعه مرة أخرى ليرشدهم إلى الله, وهذه هي نفس الطريقة التي سار عليها الرسول صلي الله عليه وسلم فقد اعتزل الخلق فوجد الحق فعاد بالحق رسولا يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ولـهذا نجد أن هذا المنهج يدل عليه القرآن، وما كان عليه الرسول صلي الله عليه وسلم ولا يزعم أحد أن التربية التي كان عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم تتعارض مع الإسلام وإلا لكان هذا طعن فـي الوسيلة التي أعد بها الله رسوله صلي الله عليه وسلم ثم إن الرسول صلي الله عليه وسلم يحتفظ بهذا الركن عبر هذا الاعتكاف،

وهل الاعتكاف إلا لخلوة فـي حقيقته تستمر أربعين يوما أو تسعين يوما حسب حالة الانسان المعتكف وحسب علاقته بأهل الدنيا وإن كان متفرغا جاز له أن يمكث ما شاء من الزمن كأهل الصفة فإنهم كانوا متفرغين لا عمل لـهم فهم يذكرون الله تعالى بالغداة والعشي كما وصفهم جل شأنه والرسول صلي الله عليه وسلم كان يحبهم ويجالسهم، ولـهـذا عندما جاء صناديد قريش وكبراؤهم ليناقشوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عام الوفود سنة ثمان من الـهجرة قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم نحن نريد أن نسلم ولكن بشرط هو أن تجعل لنا مجلسا بعيدا عن هؤلاء الأعبد والضعفاء حتى تعرف العرب به فعلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا مع هؤلاء فإذا نحن جئنا فأقمهم عنا وإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت فقال لـهم الرسول صلي الله عليه وسلم: نعم.. فنزل قول الله تعالى:

{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا, وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا} 29 ـ 30 الكهف.

فالمعنيون بالآية الأولى هم أهل الصفة والمعنيون بالآية الثانية هم صناديد وكبراء قريش فانظروا واعتبروا يا أولي الألباب لتكريم الله لأوليائه وإهانته وزجره لأعدائه.


الركن الرابع: الصمت :

والصمت حكمة وقليل فاعله وإذا تتبعتم الأحاديث النبوية الشريفة وجدتموها كثيرا ما تحث على الصمت وهذه أمثلة منها فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله فليقل خيرا أو ليصمت" وقال عليه الصلاة والسلام "من يتكفل لي ما بين لحييه وفخذيه ضمنت له الجنة" وقال صلي الله عليه وسلم فـي الحديث الطويل "وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" وسـئل الرسول صلي الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل النار فقال "الأجوفان الفم والفرج".

وقال عليه الصلاة والسلام من صمت نجا وقال صلي الله عليه وسلم "من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به" ويكفيك قول الله تعالى فـي محكم آياته {لا خير فـي كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} الآية ومعناها ألا تتكلم فيما لا يعنيك وأن تقتصر على ما يهمك وقد جمعت أركان التصوف فـي قول بعضهم:

بيت الولايـــة قســـمت أركـانه ســــادتنا فيـــــه مــــن الأبــــــدال
مـــا بين صــمت واعتــزال دائـم والجوع والسـهر النـزيـه الغالي


لـمـاذا تعـددت الطـرق الصـوفيــة؟

ما الفرق بين الجهاد فـي الله والجهاد فـي سبيل الله؟

ما هي علاقة الولاية وما سند الصوفـي فـي القرآن؟



سـبب تعـدد الطـرق:

وإذا علمنا أن هذه الأركان تثبت بالكتاب والسنة وكل أهل الطرق متمسكون بها ولكنهم نجدهم قد اختلفوا فـي مناحي التربية ومنهج السلوك.

وهنا نشأ التقول عليهم من أعدائهم محتجين بالآية الكريمة {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} يقولون وهم يستندون إلى هذه الآية إن هذه السبل هي الطرق الكثيرة (قادرية، سمانية، عزمية إلخ) وكأن الله لم ينزل آية تعدد سبل الخير فقد قال الله تعالى أيضا {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين} آخر سورة العنكبوت، والجهاد جهادان جهاد فـي سبيل الله وجهاد فـي سبيل الحق والله سبحانه وتعالى قد ربط بين هداية الإنسان المسلم إلى السبل الخيرة بالجهاد فيه (فالجهاد فيه أرفع من الجهاد فـي سبيله وإذا كان المجاهدون فـي سبيله أحياء عند ربهم يرزقون فالمجاهدون فيه أرقى حياة منهم). فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس فـي الله".

ومعناه التحلي بالفضائل عن الرذائل وهو مقام الصديقية التي هي دون النبوة وفوق الشهادة والمشار إليها بقوله تعالى {ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} ومن هذه الآية نعلم أن من قتل فـي الجهاد فـي سبيل الله كان صديقا لأنه أمات النفس الأمارة فـي ذات الله فكان بذلك صديقا ولـهـذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم وهو يحكي.. "من سره أن ينظر إلى ميت يمشي بين الناس فلينظر إلى أبي بكر" ومن أمات النفس الأمارة بالسوء فيه أحيا النفس الراضية المرضية فيه وهي التي تعرج بصاحبها إلى عالم الملكوت فيتلقى من عالم الملكوت نورا من نور الله يستقر فـي قلبه ويضيء طريق الحق والـهـداية فيكون عمله كله لله.

وهذه النفس الراضية المرضية التي أحيتها طاعة الله ورسوله يشير إليها الله سبحانه وتعالى فـي محكم تنزيل آياته بقوله {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.. الآية}

وسيدنا أبو بكر كان أول المستجيبين لـهـذا النداء الرباني فنجده عندما أتى بماله للرسول صلي الله عليه وسلم وقال له الرسول صلي الله عليه وسلم "ماذا تركت لأهلك".. قال "تركت لـهـم الله ورسوله" وعندما أتى عمر بماله وكان يريد أن يباري ويسامي أبا بكر قال له الرسول صلي الله عليه وسلم "ماذا تركت لأهلك يا عمر؟" قال "نصف مالي".. قال "الفرق بينكما كالفرق بين قوليكما يا عمر يا ابن الخطاب لم يفضلكم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر فـي قلبه". فالذي أمات نفسه فـي الله هو الذي أهدي إلى سبيل الحق والرشاد.

{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" فاللام هنا لام تأكيد والنون جاءت ايضا للتأكيد أي تؤكد أن من جاهد فـي الله هداه إلى احد هذه السبل وطرق الرشاد المختلفة

فتعدد هذه المدارس التربوية عند المتصوفة واختلاف أسمائها يشبه تماما بقدر مناحي التفكير عند علماء المسلمين فـي مجالات العقيدة والفقه فنجد العقيدة الأشعرية نسبة لأبي الحسن الأشعري والعقيدة الماتريدية نسبة للماتريدي والعقيدة الواسطية نسبة لواسط، المكان الذي ألف فيه ابن تيمية هذه العقيدة وأما فـي مجال الفقه فنجد هناك ثمانية وعشرين مذهبا والذي عليه الناس اليوم ثمانية مذاهب فهذا كله يدل على أن هناك تعدداً فـي مناحي التفكير عند العلماء وكلهم نجدهم متفقين على أن القرآن والسنة مصادر للتشريع لكن كل واحد من هؤلاء الأئمة يفهم من هذين المصدرين ما يتخذه طريقا للاستنباط والتفسير

وإذا كان هذا واقع فـي تاريخ العلوم الإسلامية فلا غرابة أن تنسب مناحي التفكير فـي التربية إلى واضعيها الذين عرفوا بها.


الربانيـة المذكورة فـي القرآن لا تعني شيئا غير منهج المتصوفة :

أيها الإخوة أحباب الله ورسوله نجد كثيرا من خصوم هذا المنهج الرباني يدعون أنه لا يتصوف إلا من كان جاهلا، فالصوفية عندهم هي منهج العوام ولكن العلماء مدعوون قبل غيرهم إلى التزام المنهج الصوفـي ومدعوون ليس بكلام شيخ وإنما بكلام الله عز وجل يقول الله تعالى فـي كتابه العزيز {وما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} آل عمران.

وهذه الربانية ليست الفقه وحده ولا العقيدة وحدها وإنما الرباني هو الذي جمع بين العلم والعمل لذلك لا يمكن أن يكون الواحد ربانيا إلا إذا كان على جانب من العلم والعمل فالعالم بدون عمل لا يصير ربانيا فلا بد أن يجمع بينهما.
"بما كنتم تعلمون" فهذه دعوة إلى العلماء قبل الدارسين والدارسون مدعوون من بعد العلماء فخيار الناس إما عالم أو متعلم والربانية هذه التي أمر الله بها المسلمين معناها أن يكون المؤمن على علاقة قوية بالله بحيث يتخذ منهجا فـي التربية ساميا ولن يجد أقوم من منهج المتصوفة المستمد من القرآن والسنة ومن مقومات الربانية أن يكون المؤمن ملتزما بتلك القواعد الأربع السهر والجوع والعزلة والصمت.

فلن تكون ربانيا بغيرها قط،.. لماذا؟

لأن هذه القواعد الأربعة تفضي بك إلى التخلق بأخلاق الله والرسول صلي الله عليه وسلم يقول "تخلقوا بأخلاق الله فإن ربي على صراط مستقيم" إذا أين نجد أخلاق الله هذه كي نتخلق بها؟

الإجابة تجدونها فـي القرآن الكريم فإن الرسول صلي الله عليه وسلم كان خلقه القرآن وخلق الرسول من أخلاق الله لأجل هذا من عايش القرآن وكان نسخة حية له كان حجة لغيره ممن يدعوهم إلى الله إذا علمنا هذا كله فينبغي أن نعلم إلى جانبه أن هذه الدعوة إلى الربانية لـهـا نتائج ومن النتائج الأولى أن الإنسان إذا ذكر الله كثيرا جالسه لأن الله سبحانه وتعالى يقول "أنا جليس من ذكرني".

ومن جالس الحق أنس به ومن أنس به عرفه لأن الأنس علامة معرفة وإذا عرفه قربه وإذا قربه ناجاه وإذا ناجاه أكرمه وإذا أكرمه تخلق بأخلاقه وإذا تخلق بأخـلاقه تعالى حققه بما ينبغي أن يتحقق به من حقيقة الإيمان وأنـوار الفـرقان ليتغـذى بجمال من جميـل.

فيا أحباب الله ويا أحباب رسول الله لا تلتفتوا لكلام هؤلاء الذين عميت أبصارهم وبصائرهم وكلهم لا يخلو أحدهم من حسد أو جهل، أما عمى أبصارهم فلأنهم لم يروا ما ترونه أنتم من هؤلاء المشائخ فقد سئل الرسول صلي الله عليه وسلم عن علامة الأولياء فقال لـهـم "الذين إذا رؤوا ذُكِرَ اللهُ" وأنتم تستشعرون ذلك وربما وقع البعض منكم مغشيا عليه عند رؤية الشيخ وهذا لم يذكر الله فحسب بل إنه رأى جلال الله وعظمته عند رؤية الشيخ، وأما عمى بصائرهم فلأنهم لا يتذوقون ولا يتأثرون بكلام هؤلاء العارفين كما تتذوقونه أنتم وربما خرّ البعض منكم مغشيا عليه متأثرا بكلامهم لأنهم يلمسون الرشد والحقائق بعبارات بليغة مؤثرة فـي كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ولقد قال بعضهم مسليا إياكم:

علــم التصــوف عـلم ليـس يـدركه ** إلا أخــــــو فطنــة بالحــــــق معـــــروف
وكـيـف يعرفـــه مـن ليس يشــهده ** وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف


وقال الإمام البصيري فـي هذا المعنى:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ** وينكـر الفـــم طعــم الـمــاء مـن سـقم



حفيد الرشيد
حفيد الرشيد
عضو ممتاز

عدد المساهمات : 66
تاريخ التسجيل : 24/05/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Empty رد: الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف

مُساهمة من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ الأحد ديسمبر 11, 2011 11:43 am

المسبحة وفضل الذكر :

المسبحة آلة اتخذت لضبط الاعداد المطلوبة التي وردت فـي السنة وهي الأعداد التي يصعب على كثير من المشتغلين بالذكر ضبطها بالأنامل أو الأصابع، والمسبحة قد عرفت منذ زمن الرسول صلي الله عليه وسلم إلا أنها لم تكن بهـيئة المسبحة المعـروفة عندنا اليـوم، فقد اتخذ بعض من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين الحصى والنوى فـي ضبط أذكارهم

وقد كان لسيدنا أبي هريرة رضي الله عنه خيط فيه ألفا عقدة لا ينام من الليل حتى يسبح به الله عز وجل. وقول الرسول صلي الله عليه وسلم "اعقدوا الأنامل بالتسبيح فإنهن مسئولات مستنطقات" لا يعارض اتخاذ مسبحة إنما هو توجيه للأفضل لا مصادرة للمفضول وربما صعب ضم الأصابع وبسطها على البعض فـي الذكر الكثير فيكون اتحاذ المسبحة مهما للذاكر

والواحد منا يستعمل المسبحة بالأنامل فيكون قد جمع بين الفاضل والأفضل من توجيهات المصطفى صلي الله عليه وسلم والنظر إلى المسبحة يذكر المسلم بذكر الله عز وجل بل إن استعمال المسبحة وضبط الأعداد باعث للهمة ومنشط للذكر وهذه فائدة جليلة.

ولكن يجب على متخذ المسبحة أن تكون نيته خالصة لوجه الله تعالى من غير رياء ولا سمعة. وقد رئيت فـي يد أبي القاسم الجنيد يوما سبحة فقيل له أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة؟ قال "طريق وصلت به إلى الله لا أفارقه ورئيت فـي يد الحسن البصرى سبحة فقيل له يا أستاذ مع عظيم شأنك وحسن عبادتك تتخذ السبحة فقال "شيء استعملناه فـي البدايات ما كنا نتركه فـي النهايات أحب أن يذكر الله بقلبى ويدي ولساني"،

والذي يقول إن المسبحة بدعة من مدعي نصرة السنة نقول له إن علمك بالسنة قاصر وفهمك ضامر لأن السنة جاءت على ثلاثة أوجه،

إما أن تكون سنة فعلية أو قولية أو تقريرية فالمسبحة من السنن التقريرية التي أقرها الرسول صلي الله عليه وسلم ولم ينكرها. وإذا علمنا أن الإكثار من الذكر قد أمر الله تعالى به فـي محكم تنزيله وحثت عليه السنة النبوية المطهرة ورغبت فيه فلا نجد عجباً فـي اتخاذ المسبحة منذ زمن الرسول صلي الله عليه وسلم، وإليكم بعض ما ورد فـي ذلك من الآيات القرآنية الكريمة وأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم.
قال الله تعالي:
{يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا}
وقال جل شأنه:
{واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}
وقال جل شأنه :
{ولذكر الله أكبر}

وحسبك أن الذكر كان خاتمة المراقي الإيمانية فـي قوله تعالى فـي سورة الأحزاب {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لـهـم مغفرة وأجرا عظيما}.

أما ما ورد من الأحاديث النبوية فـي الحث على الذكر والترغيب فيه فمنها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فـي الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".. متفق عليه.

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فـي يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه".. وقال: "من قال سبحان الله وبحمده فـي يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".. متفق عليه.
وعن ثوبان رضي الله عنه قال كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال "اللهم أنت السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"..

قيل للأوزاعي وهو من رواة الحديث كيف الاستغفار قال يقول "استغفر الله استغفر الله" ـ رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم "قال من سبح الله فـي دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".
رواه مسلم.
وعنه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول سبق المفردون، قيل ومن المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ـ رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
"أفضل الذكر لا إله إلا الله" ـ رواه الترمذي. وقال حديث حسن.
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائح الإسلام قد كثرت على فأخبرني بشيء أتشبث به قال "لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله" ـ رواه الترمذي ـ وقال حديث حسن.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وإنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" ـ رواه الترمذي ـ وقال حديث حسن.
وكما وردت الآيات والأحاديث فـي الحث والترغيب فـي ذكر الله وردت أيضا بالزجر والتقريع فـي عدم ذكر الله ومجافاته.

يقول الله تعالى فـي كتابه العزيز واصفا المنافقين :
{إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا}..
النساء آية 142.

وقال جل شأنه:
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.. طه آية 125 ـ 127.

وقال تعالى لنبيه موسى وهارون:
{اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا فـي ذكري}.. طه 42.

وأما ما ورد فـي هذا المعنى من الأحاديث فمنها:

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت" ـ رواه البخاري وجاء فـي رواية مسلم (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت).

وقال صلي الله عليه وسلم: "ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا الله سبحانه وتعالى فيه ولم يصلوا على النبي صلي الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة" أورد هذا الحديث الإمام الغزالي فـي كتابه إحياء علوم الدين الجزء الأول ص 296 وخرجه الحافظ العراقي فـي تخريجه على كتاب الاحياء المسمى "المغني عن حمل الأسفار فـي تخريج ما فـي الإحياء من الأخبار" حيث قال ما قعد قوم.... إلخ ـ رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة.
أما الأحاديث التي وردت فـي المسبحة ودلت على جواز استعمالـهـا فمنها ما أخرجه ابن أبي شيبة فـي مصنفه وأبي داود فـي سننه والحاكم النيسابوري فـي مستدركه وصححه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال رأيت النبي صلي الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم عن بسيرة وكانت من المهاجرات قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين التوحيد واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات ومستنطقات".

وأخرج الترمذي والحاكم والطبراني عن أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها إنها قالت دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال: ما هذا يا بنت حيي قلت أسبح بهن قال "قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا" قلت علمني يا رسول الله قال قولي "سبحان الله عدد ما خلق من شيء" صحيح أيضا.

ويستفاد من هذا الحديث الصحيح أن الرسول صلي الله عليه وسلم أقر التسبيح بالنوى مما كانت تفعله السيدة صفية أم المؤمنين ولا يدل إرشاده إليها إلى الأفضل على انكاره لتسبيحها بالنوى.

وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه. عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع النبي صلي الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح فقال "أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل قولي سبحان الله عدد ما خلق فـي السماء سبحان الله عدد ما خلق فـي الأرض سبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك".

وفـي جزء هلال الحفار ومعجم الصحابة للبغوي وتاريخ ابن عساكر من طريق معتمر بن سليمان عن أبي بن كعب عن جده عن بقية عن أبي صفية مولى النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يوضع له نطع (بساط من جلد) ويجاء بزنبيل (القفة الكبيرة) فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار ثم يرفع فإذا صلى الأولى أتي به حتى يمسي

وأخرج الإمام أحمد فـي الزهد قال حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن أمه قالت رأيت أبا صفية ـ رجل من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وكان جارنا قالت فكان يسبح بالحصى

وأخرج ابن سعد عن حكيم بن الديلمي أن سعدا ابن أبي وقاص كان يسبح بالحصى

وأخرج ابن أبي شيبة فـي المصنف عن مولاة لسعد أن سعدا كان يسبح بالحصى أو النوى

وقال ابن سعد فـي الطبقات أخبرنا عبيد بن موسى أخبرنا اسرائيل عن جابر عن امرأة حدثته عن فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب أنها كانت تسبح بخيط معقود فيها (أي الخيط معقدا كالسبحة)

وأخرج عبد الله بن الإمام أحمد فـي زوائد الزهد من طريق نعيم بن محرز بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة فلا ينام حتى يسبح به.

وأخرج أحمد فـي الزهد حدثنا مسكين بن نكير أخبرنا ثابت بن عجلان عن القاسم بن عبد الرحمن قال كان لأبي الدرداء نوى من نوى العجوة فـي كيس فكان إذا صلى الغداة أخرجهن واحدة واحدة يسبح بهن حتى ينفدن.

وأخرج أبن سعد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يسبح بالنوى المجزع (المجزع الذي حك بعضه حتى ابيض شيء منه وكل ما فيه بياض وسواد فهو مجزع).

وقال الديلمي فـي مسند الفردوس أخبرنا عبدوس بن عبد الله أبو عبد الله الحسين بن فتحويه الثقفي قال حدثنا محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الـهـاشمي قال حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي قال حدثني عبد الصمد بن موسى قال حدثتني زينب بنت سليمان بن علي قال حدثتني أم الحسن بنت جعفر بن الحسن عن أبيها عن جدها علي مرفوعا "نعم المذكر السبحة"، وفـي الحديث ضعف محتمل للأخذ به فـي فضائل الأعمال.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أنه كان يسبح بالحصى, وفـي سنن أبي داود من حديث أبي نصرة الغفارى قال: حدثنى شيخ من طفاوة قال تثويت (تضيفت) أبا هريرة فلم أر رجلا أشد تشميرا ولا أقوم على ضيف منه قال فبينما أنا عنده يوما وهو على سرير له ومعه كيس فيه حصى أو نوى وأسفل منه جارية سوداء وهو يسبح بها حتى إذا أنفد ما فـي الكيس ألقاه إليها فجمعته واعادته فـي الكيس فرفعته إليه.

وأخرج ابن أبى شيبة عن زاذان قال اخذت من أم يعفور تسابيح لـهـا فلما أتيت عليا قال اردد على أم يعفور تسابيحها ـ والحديث موقوف على علي ويستفاد منه أن زاذان قد أخذ تسابيح أم يعفور على سبيل الإنكار لما تفعل وعندما أتى إلى سيدنا علي أمره بارجاع هذه التسابيح إلى صاحبتها دالا بهذا الفعل على جواز اتخاذ المسابيح.


الجهـر بالذكر ودليـله من السنة :

اعتاد مشايخ الطرق الصوفية وأتباعهم أن يعدوا حِلَقاً لذكر الله بالعشي والابكار يذكرون فيها الله بصوت جهير هذا وقد عاب بعض الدارسين على المتصوفة هذا الصنيع وزعموا أن الجهر بالذكر بدعة لم تكن على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم تكن على عهد سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين، الأمر الذي حتم علينا دراسة هذا الموضوع والادلاء فيه بمأثور القول ومحفوظ السنة وما ساقه علماء السلف الصالح تدليلا على جواز الجهر بالذكر ومنهم الإمام جلال الدين السيوطي فـي رسالته (نتيجة الفكر فـي الجهر بالذكر) التي ضمها كتابه الحاوي على الفتاوي الجزء الثاني ص 389..

يقول الجلال السيوطي:

اعتاد الصوفية عقد الذكر والجهر به فـي المساجد ورفع الصوت بالتهليل فهل ذلك مكروه أم لا؟ والجواب أن لا كراهة فـي شيء من ذلك وقد وردت أحاديث كثيرة تقتضي استحباب الجهر بالذكر وأحاديث تقتضي الإسرار به والجمع بينهما إن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص وسيأتي بيان ذلك عقب إيراد الأحاديث الدالة على استحباب الجهر بالذكر تصريحا أو التزاما وهي أكثر من عشرين حديثا.

الحديث الأول
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يقول الله تعالى "أنا عند حسن ظن عبدي بي وأنا معه إن ذكرني فـي نفسه ذكرته فـي نفسي وإن ذكرني فـي ملأ ذكرته فـي ملأ خير منه" والذكر فـي الملأ لا يكون إلا عن جهر.

الحديث الثاني
أخرج البزار والحاكم فـي المستدرك وصححه عن جابر قال خرج علينا النبي صلي الله عليه وسلم فقال "يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر فـي الأرض فارتعوا فـي رياض الجنة قالوا وأين رياض الجنة قال مجالس الذكر فاغدوا وروحوا فـي ذكر الله".

الحديث الثالث
أخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما من قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده".

الحديث الرابع
أخرج مسلم والترمذي عن معاوية أن النبي صلي الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال "ما يجلسكم؟" قالوا "جلسنا نذكر الله ونحمده" فقال "أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة".

الحديث الخامس
أخرج الحاكم وصححه والبيهقي فـي شعب الإيمان عن أبى سعيد الخدري قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أكثروا من ذكر الله حتى يقال مجنون".

الحديث السادس
أخرج البيهقي فـي شعب الإيمان عن أبي الجوزاء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون إنكم مراءون" مرسل ووجه الدلالة من هذا والذي قبله أن ذلك إنما يقال عند الجهر دون الإسرار. وحديث أبي الجوزاء رغم إرساله فهو من صحيح الأحاديث التي تقف دليلا على جواز الجهر بالذكر عند من يرى حجية المراسيل من الفقهاء وفـي الحديث توجيه صريح من الرسول صلي الله عليه وسلم بالجهر بالذكر.

هذا وقد جاء حديث أبي سعيد الخدري المرفوع إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ليؤكد الدليل ويقيم البرهان على مشروعية الجهر بالذكر أيضا وقد وصف الحديث المرسل من ينكر على هؤلاء الذاكرين بالنفاق، ولا يضير الذاكرين شيئا أن يصفهم من يصفهم بالجنون أو الرياء لأن هذا الوصف مما أخبر به رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم كما يعلم من الحديثين أنه لا يستطيع العمل بهما إلا مؤمن قوي الإيمان لا يخشى فـي الله لومة لائم لأن ترك العمل من أجلهم شرك والإخلاص وقوة الإيمان أن يعافيك الله من كليهما.

الحديث السابع
أخرج البيهقي عن أنس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة قال "حلق الذكر".

الحديث الثامن
أخرج بقي بن مخلد عن عبد الله بن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم مر بمجلسين أحد المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه والآخر يعلمون العلم فقال "كلا المجلسين خير وأحدهما أفضل من الآخر".

الحديث التاسع
أخرج البيهقي عن عبد الله بن مغْفِل قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء قوموا مغفور لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات".

وتبديل السيئات بالحسنات قد جاءت به الآية الكريمة فـي آخر سورة الفرقان وفـي وصف عباد الرحمن يقول الله تعالى فـي ذلك:
{والذين لا يدعون مع الله إلـها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}.

الحديث العاشر
أخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وسلم قال "يقول الرب تعالى يوم القيامة:
"سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم" فقيل ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال "مجالس الذكر فـي المساجد".

الحديث الحادي عشر
أخرج البيهقي عن ابن مسعود قال: إن الجبل لينادي باسمه يا فلان هل مر بك اليوم لله ذاكر فإن قال نعم استبشر ثم قرأ {لقد جئتم شيئا إدّا تكاد السموات يتفطرن منه}.. الآية وقال "أيسمعون الزور ولا يسمعون الخير".

الحديث الثاني عشر
أخرج ابن جرير فـي تفسيره عن ابن عباس فـي قوله تعالى {فما بكت عليهم السموات والأرض} قال "إن المؤمن إذا مات بكى عليه من الأرض الموضع الذي يصلي فيه ويذكر الله فيه، وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي عبيد قال: "إن المؤمن إذا مات نادت بقاع الأرض عبد الله المؤمن مات فتبكي عليه الأرض والسماء فيقول الرحمن "ما يبكيكما على عبدي فيقولون ربنا لم يمش فـي ناحية من قط إلا وهو يذكرك"، ووجه الدلالة من ذلك أن سماع الجبال والأرض للذكر يكون عن جهر به.

الحديث الثالث عشر
أخرج البزار والبيهقي بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "قال الله تعالى عبدي إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا وإن ذكرتني فـي ملأ ذكرتك فـي ملأ خير منهم وأكثر".

الحديث الرابع عشر
أخرج البيهقي عن زيد ابن أسلم قال: قال ابن الأدرع انطلقت مع النبي صلي الله عليه وسلم ليلة، فمر برجل فـي المسجد يرفع صوته (أي بالذكر) قلت يا رسول الله عسى أن يكون هذا مرائيا قال "لا ولكنه أواه".
وأخرج عقبة بن عامر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين "إنه أواه" وذلك أنه كان يذكر الله.
وأخـرج البيهقي عن جابر بن عبد الله أن رجلا كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل لولا أن خفض من صوته فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "دعه فإنه أواه".
وما أرى فـي هذه الأحاديث إلا دليلا ملزما وحجة مفحمة لكل من يحاول الطعن على مشايخ الطرق الصوفية الذين اعتادوا الجهر بالذكر فـي المساجد والزوايا.

الحديث الخامس عشر
أخرج الحاكم عن شـداد بن أوس قال إنا لعـند النبي صلي الله عليه وسلم إذ قال "ارفعـوا أيديكم فقـولوا لا إله إلا الله" ففعلنا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة إنك لا تخلف الميعاد" ثم قال "أبشروا فإن الله قد غفر لكم".

الحديث السادس عشـر
أخرج البزار عن أنس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال "إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم فيقول الله تعالى "اغشوهم برحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليس".
وقد ورد أيضا فـي رواية ابن شاهين عن جابر "أنا جليس من ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني".

الحديث السابع عشـر
أخرج الطبراني وابن جرير عن عبد الرحمن بن سهل ابن حنيف قال نزلت على رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو فـي بعض أبياته (بيوته) {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}.. الآية فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله منهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد لما رآهم جلس معهم وقال "الحمد لله الذي أمرني أن أصبر نفسي معهم".
وقد وصف الحديث أن من بعض صفات الذاكرين ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد وهذه الصفات تنطبق على بعض المتصوفة المنكر والمفترى عليهم من أدعياء نصرة السنة.

الحديث الثامن عشر
أخرج الإمام أحمد فـي الزهد عن ثابت قال "كان سلمان فـي عصابة يذكرون الله، فمر النبي صلي الله عليه وسلم، فكفوا فقال "ما كنتم تقولون" قلنا كنا نذكر الله قال "إني رأيت الرحمة تنزل عليكم

(1) القوم، العدد الخامس عشر، ديسمبر 1987


حسب الرسول الطيب الشيخ
حسب الرسول الطيب الشيخ
Admin

عدد المساهمات : 598
تاريخ التسجيل : 23/05/2010

https://omdoban.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف Empty رد: الشيخ عبد الجبار المبارك في حديث عن التصوف

مُساهمة من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ الأحد ديسمبر 11, 2011 11:48 am

لحديث الثامن عشر
أخرج الإمام أحمد فـي الزهد عن ثابت قال "كان سلمان فـي عصابة يذكرون الله، فمر النبي صلي الله عليه وسلم، فكفوا فقال "ما كنتم تقولون" قلنا كنا نذكر الله قال "إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها" ثم قال "الحمد لله الذي جعل فـي أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم".

الحديث التاسع عشر
أخرج الأصبهاني فـي الترغيب عن أبي رزين العقيلي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له "ألا أدلك على ملاك الأمر الذي تصيب به خيري الدنيا والآخرة؟" قال بلى قال "عليك بمجالس الذكر وإذا خلوت فحرك لسانك بذكر الله".

الحديث العشرون
أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي والأصبهاني عن أنس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن أجلس مع قوم بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ولأن أجلس مع قوم يذكرون الله بعد العصر إلى أن تغيب الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها".

وهذا ما رأيت عليه كل الطرق الصوفية وذلك ابتغاء هذا الفضل العظيم والخير العميم الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي هذا الحديث والأحاديث السابقة.

الحديث الحادي والعشرون
أخرج الشيخان عن ابن عباس قال: "إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم" قال ابن عباس "كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته".

الحديث الثاني والعشرون
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجة عن السائب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "جاءني جبريل فقال مر أصحابك يرفعوا أصواتهم بالتكبير".

الحديث الثالث والعشرون
أخرج المروزي فـي كتاب العيدين عن مجاهد أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة كانا فـي السوق أيام العشر فيكبران لا يأتيان السوق إلا لذلك وأخرج أيضا عن عبيد ابن عمير قال كان عمر يكبر فـي قبته فيكبر أهل المسجد فيكبر أهل السوق حتى ترتج مني تكبيرا وأخرج أيضا عن ميمون ابن مهران قال أدركت الناس وإنهم ليكبرون فـي العشر حتى كنت أشبهها بالأمواج من كثرتها.


خاتمــة
إذا تأملت ما أوردناه من الأحاديث عرفت من مجموعها أنه لا كراهة البتة فـي الجهر بالذكر بل فيه ما يدل على استحبابه إما صريحا أو التزاما كما أشرنا إليه، وأما معارضته بحديث "خير الذكر الخفي" فهو نظير معارضة أحاديث الجهر بالقرآن بحديث المسر بالقرآن كالمسر بالصدقة، وقد جمع النووي بينهما بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى به مصلون أو نيام والجهر أفضل فـي غير ذلك لأن فيه خيراً أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد فـي النشاط. وقال بعضهم يستحب الجهر ببعض القراءة والإسرار ببعضها لأن المسر قد يمل فيأنس بالجهر والجاهر قد يكل فيستريح بالإسرار، وكذلك نقول فـي الذكر على هذا التفصيل وبه يحصل الجمع بين الأحاديث المتعارضة.

نقلا عن موقع القوم (إرشيف مجلة القوم)


حسب الرسول الطيب الشيخ
حسب الرسول الطيب الشيخ
حسب الرسول الطيب الشيخ
Admin

عدد المساهمات : 598
تاريخ التسجيل : 23/05/2010

https://omdoban.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى